"فايننشال تايمز": كيف أصبحت نيويورك مختبراً سياسياً؟
ترامب وألكسندريا أوكاسيو كورتيز وممداني.. النيويوركيون الذين يشكلون مستقبل أميركا.
-
ألكساندريا أوكاسيو كورتيز وزهران ممداني
صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تنشر مقالاً يتناول دور مدينة نيويورك في تشكيل قادة سياسيين مؤثرين في الولايات المتحدة الحديثة، من خلال التركيز على ثلاث شخصيات بارزة: دونالد ترامب، ألكسندريا أوكاسيو كورتيز، وزهران ممداني، جميعهم من مواليد نيويورك.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
دونالد ترامب، وألكسندريا أوكاسيو كورتيز (المعروفة عالمياً باسم AOC)، وزهران ممداني، 3 من أكثر الشخصيات جاذبيةً وتأثيراً في الحياة السياسية في عصرنا، وجميعهم من مواليد نيويورك. فكيف حدث ذلك وعلى ماذا يدلّ؟
لم يكن من المفترض أن ينحدر الساسة من نيويورك بعد اليوم. بل كان من المتوقع أن يبرزوا من جنوب أميركا مثل بيل كلينتون، أو من قلب البلاد مثل باراك أوباما، أو من غربها مثل ميت رومني وجون ماكين. ومن المفارقات أن نيويورك، التي يُفترض بأنها فقاعة النخبة الساحلية، لا تزال في الواقع المختبر السياسي الأكثر تمثيلاً للولايات المتحدة. فانعدام المساواة والتنوع السكاني والديناميكية الاقتصادية تخلق ظروفاً تشكل اختباراً لكل استراتيجية سياسية. وفي حال تمكّن ممداني من تنظيم هذه الظروف بفعالية، فقد يصبح السياسي القادم من نيويورك الذي ينجح في تحقيق اختراق على المستوى الوطني.
وعلى الرغم من أن ترامب وُلد في كنف عائلة ثرية من أصحاب العقارات في نيويورك، إلا أنّ حركة "ماغا" التي يقودها تُثير استياء الطبقة العاملة من نظام يعتقدون بأنه تخلى عنهم. ومع ذلك، فهو يُجسد في الوقت نفسه عصرنا الذهبي الجديد - رئيس ملياردير محاط في حفل تنصيبه الثاني بقادة التكنولوجيا أمثال تيم كوك وجيف بيزوس ومارك زوكربيرغ.
وُلدت ألكسندريا أوكاسيو كورتيز في برونكس، لكنها نشأت في مقاطعة ويستتشستر. وهي تحظى بشعبية واسعة بين سكان بروكلين وكوينز العصريين، بالإضافة إلى طبقة النبلاء التقدميين في مانهاتن. كما تحصل على دعم الطبقات الإبداعية من خريجي الجامعات، الذين يعاني الكثير منهم من ارتفاع تكاليف السكن وسوق عمل محفوف بالمخاطر.
ويسعى ممداني، الذي ولد في أوغندا ونشأ في منطقة مورنينغ سايد هايتس في مانهاتن حيث يعمل والده أستاذاً في جامعة كولومبيا، إلى بناء تحالف سياسي جديد. وفي حين استحوذ ترامب على الطبقة العاملة واستحوذت ألكسندريا كورتيز على الطبقة المبدعة، نجح ممداني في تشكيل تحالف بين مختلف الطبقات يجمع بين العاملين في مجال الخدمات والمهنيين المبدعين الشباب، مساعدو الرعاية الصحية المنزلية إلى جانب الفنانين المكافحين، وسائقي التوصيل مع المصممين المستقلين، الذين يوحدهم عدم الاستقرار الاقتصادي بدلاً من الانقسام حسب مستويات التعليم.
لا يتشارك ترامب وأوكاسيو كورتيز وممداني أصولهم النيويوركية فحسب، بل أيضاً الجاذبية التي لا يمكن إنكارها. وتُكافئ المدينة من يجذب الانتباه ويُبرز نجوميته. والكاريزما صفةٌ تكتسب أهميةً أكبر في عصر وسائل التواصل الاجتماعي. وهذه ليست المرة الأولى التي تُشكّل فيها نيويورك السياسة الأميركية. فمن الثورة المالية التي قادها ألكسندر هاملتون، إلى سياسات تاماني هول الآلية، وإصلاحات العصر التقدمي، دأبت المدينة على تبني الابتكارات السياسية.
وبعد العصر الذهبي الأول، بنى فيوريلو لا غوارديا تحالفاً من غرباء المدينة، اليهود والإيطاليين والتقدميين الذين استبعدتهم آلة تاماني التي يهيمن عليها الإيرلنديون. وعلى غرار ممداني، كان لا غوارديا يتحدث لغات متعددة، وتمكن من توحيد مجتمعات متنوعة حول مصالح اقتصادية مشتركة. وبرز كلاهما خلال فترات من التفاوت الشديد لتشكيل تحالفات سياسية جديدة.
واليوم، يمثل ترامب وأوكاسيو كورتيز وممداني استجابات مختلفة لنفس الضغوط الأساسية المتمثلة في عدم المساواة والنزوح، والتحول الاقتصادي التي تعيد تشكيل المدن في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وفي حال بدا ممداني أو حتى ألكسندريا أوكاسيو كورتيز مرشحين ضعيفين للحصول على منصب أعلى، فلنتفكر في هذا الأمر: قبل 15 عاماً، من كان ليتخيل أن نجماً من تلفزيون الواقع، يبيع شرائح اللحم وربطات العنق التي تحمل اسمه، قد يصبح رئيساً للولايات المتحدة مرتين؟ ما يبدو مستحيلاً اليوم يصبح في أغلب الأحيان أمراً حتمياً أسرع مما يتوقعه أي شخص. وما سيحدث في بلدنا لاحقاً لن يتحدد بالانقسامات الحزبية أو الأيديولوجية التقليدية، بل بقدرة الساسة المؤثرين على تشكيل تحالفات طبقية جديدة. ولعل المدينة التي أنتجت هذه الشخصيات الـ3 تُنذر بالمسارات المتنافسة التي ستحدد مستقبل الولايات المتحدة السياسي.
نقله إلى العربية: زينب منعم.