"فورين أفيرز": الصين تفوز في الحرب السيبرانية
هناك فجوة استراتيجية بين النهج الصيني والأميركي في الأمن السيبراني.
-
"فورين أفيرز": الصين تفوز في الحرب السيبرانية
مجلة "فورين أفيرز" الأميركية تنشر مقالاً يتناول تفوّق الصين في مجال الحرب السيبرانية من خلال استعراض عملية اختراق واسعة للبنية التحتية الأميركية (عملية "إعصار الملح")، ويوضح كيف مكّنتها منظومتها الأمنية المركزية والرقابية من اكتساب مزايا هجومية ودفاعية تتفوق على النظام الأميركي اللامركزي، مع الإشارة إلى مخاطر ذلك على الأمن القومي الأميركي خاصة في أزمات مثل أزمة تايوان.
أدناه أبرز الفقرات التي وردت في النص منقولةً إلى العربية بتصرف:
تُعدّ الشركات الأميركية رائدةً عالمياً في مجال التكنولوجيا، سواء في مجال البرمجيات المبتكرة، أم الخدمات السحابية، أم الذكاء الاصطناعي، أم في منتجات الأمن السيبراني. ومع ذلك، فمنذ ما يقرب من ثلاث سنوات، أقدم قراصنة يُعتقد أنهم مدعومون من الحكومة الصينية على فعلٍ لم تستطع الولايات المتحدة، القوة التكنولوجية الكبرى، التصدي له بشكلٍ كافٍ: فقد تمكنوا من الوصول إلى شبكات الاتصالات الأميركية الرئيسية، وحافظوا على هذه القدرة، ونسخوا المحادثات، وبنوا القدرة على تتبع تحركات ضباط الاستخبارات الأميركية وموظفي إنفاذ القانون في جميع أنحاء البلاد.
شكّل الهجوم، الذي أُطلق عليه اسم "إعصار الملح"، جزءاً كبيراً من حملة عالمية ضد شركات الاتصالات، وقد اخترق أنظمة العديد من شركات الاتصالات الأميركية بشكلٍ دقيق، إلى درجة أنّ المسؤولين لن يعرفوا أبداً على الأرجح النطاق الكامل للقدرات التي اكتسبتها الصين للتجسس على اتصالات الأميركيين.
لم يكن "إعصار الملح" مجرد نجاح استخباري منفرد للصين، بل عكس واقعاً أعمق وأكثر غموضاً. فبعد عقود قليلة من انتشار الإنترنت الذي فتح آفاقاً جديدة من الصراع الجيوسياسي، تُهيئ الصين نفسها للهيمنة على ساحة المعركة الرقمية. لقد تخلفت الولايات المتحدة عن الركب، إذ فشلت في تأمين جبهة داخلية رقمية واسعة، والأصول المادية التي تعتمد عليها. ولأن الفضاء الإلكتروني لا حدود له، فإن الوطن الأميركي دائماً في خضم المعركة. كل مستشفى، وشبكة كهرباء، وخط أنابيب، ومحطة معالجة مياه، ونظام اتصالات، يقع على خطوط المواجهة، ومعظم البنية التحتية الحيوية للولايات المتحدة غير جاهزة للمعركة.
تمكّن قراصنة يُعتقد أنهم مدعومون من الحكومة الصينية من اختراق شبكات الاتصالات الأميركية الرئيسية لسنوات، في عملية ـ"إعصار الملح". الهجوم، الذي استهدف شركات اتصالات وبنى تحتية حيوية، منح الصين قدرة على التجسس وتعقّب ضباط الاستخبارات وإنشاء موطئ قدم للتخريب المستقبلي في قطاعات المياه والطاقة والنقل.
تكشف العملية عن فجوة استراتيجية بين النهج الصيني الصارم في الأمن السيبراني، المدعوم بالمراقبة الحكومية المباشرة، والنموذج الأميركي القائم على إدارة البنية التحتية من قِبل آلاف الشركات الخاصة ذات الحماية المتفاوتة. هذه الفجوة مكّنت بكين من تطوير قدرات هجومية متقدمة، مع تقليل مخاطر الانتقام.
الاختراقات الصينية تتجاوز جمع المعلومات إلى زرع برمجيات خبيثة يمكن تفعيلها لتعطيل الحياة اليومية وإعاقة العمليات العسكرية الأميركية في أي أزمة، بما في ذلك احتمال تأخير التعبئة العسكرية أو تعطيل شبكات الكهرباء والمطارات. وفي المقابل، تواجه الولايات المتحدة صعوبة في مراقبة وحماية شبكاتها بسبب القيود القانونية وتشتت المسؤوليات.
ورغم فرض إدارة بايدن معايير أمنية جديدة على بعض القطاعات الحيوية، فإنّ هذه الإجراءات ما زالت متأخرة مقارنة بالرقابة المستمرة التي تمارسها بكين على بنيتها التحتية. ويُحذّر خبراء الأمن من أنّ غياب الردع الفعّال والسيطرة الدفاعية المتكاملة يترك الولايات المتحدة عرضة لهجمات قد تغيّر موازين القوة في أزمات استراتيجية، مثل ملف تايوان.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.