"فورين أفيرز": ثمن الذكاء الاصطناعي.. بطالةٌ جماعية وشعبويةٌ صاعدة
ردّ الفعل العنيف المقبل تجاه الذكاء الاصطناعي: كيف سيحوّل اقتصاد الغضب، البطالة، والخوف إلى وقودٍ للشعبوية؟
-
لافتة كُتب عليها "أوقفوا الذكاء الاصطناعي"
مجلة "فورين أفيرز" الأميركية تنشر مقالاً يتناول التحوّلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، مع تركيز خاص على انعكاساتها على سوق العمل والمشهد السياسي في الدول المتقدّمة، ولا سيما الولايات المتحدة وكندا.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
لقد بدأت التحوّلات الاقتصادية الناتجة عن الذكاء الاصطناعي بالفعل. مثلاً، في شهر أيار/مايو الماضي أعلنت شركة "آي بي إم" أنّها فصلت مئات الموظفين، واستبدلتهم بروبوتات للتواصل والدردشة تعتمد على الذكاء الاصطناعي. وخلال الصيف قامت شركة "سيلس فورس" بتسريح أعداد كبيرة من العاملين بفضل الذكاء الاصطناعي.
كذلك، شركات مثل "يو بي إس"، وبنك "جي بي مورغان تشيس"، وسلسلة مطاعم "وينديز"، تقلّص أيضاً عدد الموظفين مع زيادة عمليات الأتمتة في وظائفها، بينما يواجه خريجو الجامعات صعوبة متزايدة في الحصول على وظائف للمبتدئين مقارنة بما كان عليه الحال منذ ما يقرب من عقد من الزمن. وهذه الاتجاهات ليست سوى البداية. ففي استطلاع تلو الآخر، تعلن الشركات حول العالم عن خططها لاستخدام الذكاء الاصطناعي بهدف إحداث تحوّل في قواها العاملة.
مع ذلك من المرجّح أن يولد الذكاء الاصطناعي فرص عمل جديدة حتى في الوقت الذي يعطّل فيه فرصاً أخرى، بينما يختلف خبراء الاقتصاد حول ما إذا كان التأثير فقط سيكون في فقدان الوظائف أو اكتسابها أو مجرّد إعادة هيكلة. ومهما كانت العواقب بعيدة المدى، سيصبح الذكاء الاصطناعي قريباً قضية سياسية رئيسية. فإذا حدث اضطراب كبير، سيواجه المسؤولون عُمّالاً غاضبين من فقدان وظائفهم لصالح الروبوتات والآلات.
وبلا شكّ سيعبّر الناخبون عن استيائهم من كلّ هذا في صناديق الاقتراع، ممّا سيفرض على السياسيين وضع خطط لحماية ناخبيهم بسرعة. وهذا يوجب وضع استراتيجية فعّالة لمواجهة الاضطراب واسع النطاق الذي أحدثه الذكاء الاصطناعي، حيث سيحتاج صانعو السياسات إلى فهم كيفيّة إدراك العمال مصالحهم في ظلّ التهديد التكنولوجي.
في استطلاع للرأي في العام 2023 شمل 6000 أميركي وكندي لقياس مستوى قلقهم بشأن التسريحات الجماعية الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، وكيف ينبغي للحكومة التعامل مع هذه القضية، كشفت النتائج عن حجم التحدّي، حيث وضع المشاركون مخاوفهم بشأن فقدان وظائفهم بسبب الذكاء الاصطناعي في المرتبة الأولى مقارنة بجميع المخاوف الأخرى، مثل احتمال استخدامها في الأغراض العسكرية.
أمّا فيما يتعلق بتفضيلات السياسات، فهناك ما يدعو إلى التفاؤل والتشاؤم على حدّ سواء. فمن الجانب الإيجابي، فضّل معظم المشاركين في الاستطلاع إجراءات مثل برامج إعادة التدريب وتوسيع شبكات الأمان الاجتماعي، وهي حلول تقنية يُؤمن الاقتصاديون بفعّاليّتها. أمّا الجانب السلبي، فقد أيّد العديد أيضاً فرض قيود تجارية جديدة وحواجز على الهجرة، وهي استراتيجيات قد تؤدّي إلى تفاقم المشكلة، وقد تلجأ إليها الحكومات لأسباب سياسية، في حين استجابت عدة دول في السابق، للتسريحات الناتجة عن نقل الوظائف إلى الخارج بفرض رسوم جمركية صارمة وزيادة عمليات الترحيل، رغم أنّ الطريقتين لم تثبت فعّاليّتهما.
النظرية والتطبيق
لتحديد كيف يرغب الناخبون في أن تدير الحكومة حالات التسريح من العمل الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، لم نُجرِ استطلاعاً بسيطاً للرأي. وبدلاً من ذلك، أعددنا 81 سيناريو يتضمّن إمّا تبنّي الذكاء الاصطناعي أو نقل الوظائف إلى الخارج، حيث كانت للصدمة الاقتصادية تأثيرات مختلفة على التوظيف وأسعار السلع. ففي أحد السيناريوهات، على سبيل المثال، أدّى الذكاء الاصطناعي إلى خفض أسعار الهواتف الذكية بنسبة 50% مع إلغاء 25% من وظائف المصانع، وخلق 25% من فرص العمل الإضافية في مجال علم البيانات. وفي سيناريو آخر، بقيت الأسعار على حالها، بينما انخفضت وظائف خدمة العملاء بنسبة 25% وظلت وظائف المصانع ثابتةً.
بَعد ذلك، عرضنا على المشاركين 4 من هذه السيناريوهات لفحصها، واختيرت عشوائياً، وقدّمنا لهم قائمة بالسياسات المحتملة للاستجابة، مثل برامج إعادة التدريب، وتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي، وتنظيمات لحوكمة الصدمة الاقتصادية التي شاهدها المشاركون، سواء كانت نشر الذكاء الاصطناعي أو نقل الوظائف إلى الخارج، والحواجز التجارية، وقيود الهجرة، وطلبنا منهم تحديد مدى تأييدهم لكلّ خيار.
كما طُلب من المشاركين عشوائياً أيضاً، تقييم سيناريوهات الذكاء الاصطناعي أو نقل الوظائف إلى الخارج فقط، وليس كليهما، ممّا أتاح لنا مقارنة ردود الناخبين تجاه التغيير التكنولوجي المحلي مقابل المنافسة الخارجية، ومعرفة ما إذا كانت المفاضلات الاقتصادية المماثلة تؤدّي إلى تفضيلات سياسية متشابهة عبر أنواع مختلفة من الاضطرابات.
لقد جاءت النتائج واضحة، بغضّ النظر عن الانتماء الحزبي للمشاركين الذين اختاروا في كلا البلدين إعادة تدريب العمال كسياسة مُفضّلة لديهم. وقد بلغ متوسط الدعم لهذا الخيار 4 أشخاص من 5 من المشاركين يؤيّدونه بقوة، بينما البقيّة القليلة تعارضه بشدة. وقد جاء أمر تنظيم الذكاء الاصطناعي كثاني أكثر السياسات المحبّذة شعبيةً، بين مختلف الانتماءات السياسية. أمّا توسيع الإنفاق الاجتماعي، فقد جاء في المرتبة الثالثة، لكنّه حظي بدعم أقل بكثير بين "الجمهوريين" في الولايات المتحدة، ودعم أقلّ قليلاً من المحافظين في كندا.
لقد كانت هذه النتائج مشجّعة. وإذا سُئِل الاقتصاديون عن السياسة التي يوصون بها استجابة لحالات التسريح الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، سينحاز معظمهم إلى إعادة التدريب، أو التنظيم، أو التأمين الاجتماعي. فالمنطق بسيط، حيث يمكن إبطاء التغيّر التكنولوجي، لكنّ إيقافه يكاد يكون مستحيلاً، لذلك فإنّ أفضل ما يمكن للحكومات فعله لصالح المواطنين المتضرّرين هو تزويدهم بمهارات جديدة، ووضع ضوابط معقولة، وابتكار علاجات جديدة للبطالة، لكنّ المشكلة هي أنّ الحكومات اليوم نادراً ما تُطبّق هذه السياسات فعليّاً.
كما أنّ معظم الدول الغنية التجارية لم تقم بإنشاء أنظمة تدريب كبيرة لإعادة التأهيل المهني، في الاستجابة للصدمات الاقتصادية الأخيرة، مثل انخفاض الوظائف التصنيعية. كذلك الوضع التنظيمي الآن لا يبدو أفضل حالاً، على الرغم من ازدهار الذكاء الاصطناعي، حيث لم تعتمد سوى قلة من الحكومات تشريعات شاملة تتعلّق به، لكن يعتبر قانون الذكاء الاصطناعي للاتحاد الأوروبي الاستثناء البارز في هذا المجال.
أمّا بما يخص توسيع شبكات الأمان الاجتماعي، فيبدو أقلّ احتمالاً في ظلّ تراكم الديون على العديد من الحكومات، وفي وقت تُقلّص فيه واشنطن البرامج الاجتماعية، من ضمنها التأمين الصحي العامّ والمساعدات الغذائية، وذلك تحت "قانون الفاتورة الكبيرة الجميلة"، الذي يعدّ من أبرز إنجازات الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
قد يأمل المتفائلون أنّه مع زيادة الاضطراب الناجم عن الذكاء الاصطناعي، سيشعر صانعو السياسات بالحاجة إلى الاستثمار في إعادة التدريب، والبرامج الاجتماعية، والهياكل التنظيمية، أو بمزيج من هذه العناصر.
إلّا أنّ التاريخ يشير إلى أنّ الضغط من أجل تنظيم وتعويض المتضررين قد يتضاءل فعليّاً مع مرور السنوات. وعند الحديث عن الاضطراب الاقتصادي، يواجه السياسيون ما يسمّيه علماء الاجتماع بمشكلات "عدم الاتساق الزمني"، حيث قبل اعتماد التكنولوجيا المسبّبة للاضطراب على نطاق واسع، أو توقيع اتفاقية تجارية، تكون لدى المستفيدين المحتملين دوافع قوية لتقديم وعود بالتعويض لأولئك الذين سيتضرّرون، وذلك لضمان الحصول على التأييد السياسي.
ولكن بعد ذلك، تختفي الحوافز للوفاء بهذه التعهّدات. إذ يصبح التراجع عن التغيير مكلفاً للغاية للدولة. وغالباً ما يتحوّل ميزان القوى بشكل حاسم لصالح المنتفعين الذين لم يعودوا بحاجة لإرضاء المتضرّرين. والنتيجة هي أنّ التعويضات تصبح غير مموّلة بشكل كافٍ، أو تنفد بطريقة ضعيفة، أو تُهمل تماماً.
الوعد الكاذب
ومع ذلك، قد لا يكون أكبر خطر هو تجاهل الحكومات للحلول الفعّالة، بل في تبنّي سياسات تأتي بنتائج عكسية. فقد يلجأ العديد من السياسيين، خصوصاً من التيار الشعبوي اليميني، إلى تقييد الهجرة والتجارة كردّ فعل على تسريح العمال بسبب الذكاء الاصطناعي، كما فعلوا في مواجهة مشكلات اقتصادية سابقة.
وبمجرّد تطبيق التكنولوجيا أو تنفيذ الاتفاقية، تتلاشى تلك الدوافع للوفاء بالوعود. إذ يصبح التراجع عن التغيير مكلفاً للغاية بالنسبة للدولة، وغالباً ما يتحوّل ميزان القوة بشكل حاسم لصالح الفائزين، الذين لم يعودوا بحاجة إلى إرضاء الخاسرين، وتؤدّي إلى نتيجة تصبح فيها التعويضات غير مموّلة بالقدر الكافي، أو أنّها ضعيفة، أو مهملة تماماً.
وإذا حدث ذلك، ولم تستطع الحكومة حماية شعبها من المنافسة مع الروبوتات، فعلى الأقل يمكنها حمايتهم من المنافسة مع الأجانب بكلّ بساطة بالنسبة لهؤلاء. لكنّ هذا المنطق القائم على مبدأ المحصّلة الصفرية لا يصمد في الواقع، حيث معظم الأبحاث تشير إلى أنّ تقييد الهجرة والتجارة لن يمنع الشركات من اعتماد الذكاء الاصطناعي، بل قد يؤدّي ذلك في الواقع إلى تسريع تسريح العمال.
وعلى سبيل المثال، سيؤدّي تقليل التجارة وتقليص أسواق التصدير، وزيادة حالة عدم اليقين في السياسات وهي ضغوط تجعل التقنيات التي توفّر من استخدام العمالة، وتستبدلها بالأتمتة، أكثر جاذبيةً في القطاعات المعرّضة للخطر. كما أنّ تقليص الهجرة سيشجّع على استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر من خلال زيادة تكاليف العمالة.
يستطيع المحللون محاولة توضيح هذه النتائج المحتملة للناخبين. ومع ذلك، غالباً ما تحظى السياسات الحمائية بتأييد جيد في استطلاعات الرأي، كما أنّ أعداداً كبيرة من الناس يدعمون بالفعل مثل هذه الخطوات كردّ فعل على صدمات الذكاء الاصطناعي. وبشكل عامّ، بلغ متوسط الدعم لقيود الهجرة في استطلاعنا 3.4 من 5، بينما بلغ متوسط الدعم لقيود التجارة 3.2. أمّا بين "الجمهوريين" فالنمط أكثر وضوحاً، حيث بلغ متوسط الدعم لقيود الهجرة 4 من 5، ممّا يجعلها أكثر السياسات شعبية لهم، حتى أكثر من إعادة التدريب المهني.
وفي مسألة القيود التجارية، فقد بلغ تأييدها 3.5 بين "الجمهوريين، وهو تقريباً مستوى دعم إعادة التدريب نفسه، وأعلى بكثير من دعم الإنفاق الاجتماعي. وإذا استمرت حالات تسريح العمال بسبب الذكاء الاصطناعي في الارتفاع، فقد تكون هذه الأرقام أقلّ من الواقع في المستقبل. ووفقاً لدراسة أجرتها عالمة السياسة نيكول وو، فعندما يعلم الأميركيون بأنّ الروبوتات تهدّد الوظائف، فقد يصبح "الجمهوريون" أكثر عداء للمهاجرين، بينما يتحوّل "الديمقراطيون" ضدّ التجارة، بينما لا يكاد أحد يفضّل إبطاء وتيرة تطوّر الذكاء الاصطناعي نفسه.
كذلك هناك أسباب أخرى قد تدفع السياسيين إلى تبنّي سياسات إقصائية. أحد هذه الأسباب هو أنّ هناك حواجز أقل نسبياً أمام تنفيذ هذا النوع من الإجراءات. لأنّ تأسيس وتمويل برامج إعادة التدريب، أو تنظيم الذكاء الاصطناعي، أو توسيع الرفاه الاجتماعي، تجعل معظم الحكومات بحاجة إلى سنّ تشريعات وتخصيص مبالغ كبيرة من الإنفاق الحكومي. أمّا ترحيل المهاجرين، فعادةً لا يتطلّب قوانين جديدة، وبالتالي يمكن تنفيذه بسرعة نسبية. سبب آخر هو أنّ قيود الهجرة والرسوم الجمركية تحقّق نتائج قابلة للقياس بوضوح.
وإذا انحاز الناخبون نحو السياسات القومية المتشدّدة كردّ فعل على الذكاء الاصطناعي، فمن غير المرجّح أن يعودوا إلى حلول أكثر فعّاليةً. ووفقاً لأبحاث أجراها العالمان السياسيان آلان جاكوبس ومارك كايزر حول الديمقراطيات الأوروبية، فإنّ الأشخاص الذين تأثّروا سلباً بالتغيّرات الاقتصادية واتجهوا نحو الأحزاب اليمينية المتطرّفة غالباً ما يستمرون في دعم هذه الأحزاب. كما أنّ السياسيين الذين يحقّقون مكاسب من خلال الترويج لخطاب مناهض للهجرة أو التجارة ليست لديهم حوافز تذكر لإعادة الناخبين إلى الوسط السياسي. وفي الواقع، هناك بعض الدول والأحزاب التي كانت تقليدياً معاديةً للهجرة، من ضمنها الحكومة اليابانية مثلاً، التي بدأت تروّج علناً للذكاء الاصطناعي كبديل للعمالة الأجنبية.
التقدّم إلى الأمام
تشير العديد من هذه النتائج إلى مستقبل غير مشجّع لكلّ من سوق العمل والديمقراطية. ومع ذلك، كما تظهر نتائج استطلاعنا، فإنّ المسار الصحيح للعمل هو في إعادة التدريب، والتنظيم، والرعاية الاجتماعية، وهو أيضاً ما يريده الناس أكثر من غيره. وإذا أراد صنّاع السياسات الاستجابة لمطالب الجمهور، يمكنهم سن قوانين لإنشاء وتمويل برامج إعادة تدريب وتعليم العمال كيفية العمل سوياً مع أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتطوير المهارات في القطاعات الأقل عرضةً للأتمتة، أو الانتقال إلى أدوار جديدة ينشئها الذكاء الاصطناعي.
كما يمكنهم إنشاء برامج دعم دخل جديد للعاطلين عن العمل. وأخيراً، يمكنهم سنّ قوانين تنظّم الذكاء الاصطناعي من خلال فرض الشفافية في اتخاذ القرارات المتصلة بالأتمتة، وإلزام الرقابة البشرية في التطبيقات ذات المخاطر العالية، وإنشاء أطر للمسؤولية عن الأضرار الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي من شأنه أن يبطّئ التطبيقات الأكثر اضطراباً، ويضمن توزيعاً أكثر أماناً من دون كبح الابتكار. ويمكن للحكومات تمويل هذه المقترحات من خلال فرض الضرائب على الشركات الكبرى العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، وهذا من شأنه أن يضمن أنّ الشركات التي تحقّق أرباحاً من التغيير تساهم أيضاً في إدارة آثاره.
لن تساعد هذه السياسات ملايين العمال فحسب، بل يمكنها أيضاً أن تساهم في استعادة الثقة بالحكومة. ومن خلال الاعتراف بالعمال الذين فقدوا وظائفهم بسبب الذكاء الاصطناعي وتقديم الدعم لهم، يُظهر المسؤولون للناخبين أنّ الدولة قادرة بالفعل على تلبية احتياجاتهم، وهذا يعزّز أيضاً من فرصهم السياسية الخاصة. ووفقاً لبحث أجراه الاقتصادي السياسي يوتام مارغاليت خلال إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، حقّقت الأحزاب الحاكمة أداءً أفضل في المقاطعات التي كان فيها عدد أكبر من العمال المؤهّلين لبرامج إعادة التدريب، وهو دليل على أنّ حصول الناخبين على الدعم الحكومي يخفّف ردّ فعلهم السياسي المحتمل تجاه فقدان الوظائف، مع أنّ الولايات المتحدة موّلت برامج إعادة التدريب، ولكن ليس بما فيه الكفاية.
ومع ذلك، فإنّ الوقت ينفد بسرعة، ووتيرة اعتماد الذكاء الاصطناعي تتسارع، وآثاره الضارة على التوظيف لم تعد مجرّد مشكلة نظرية، بل أصبحت واسعة الانتشار بالفعل وستتزايد في الأشهر المقبلة. وفي المقابل تطبيق السياسات التكيفية سيستغرق سنوات حتى تظهر نتائجه. وإذا كانت الحكومات ترغب في حماية اقتصاداتها وحماية نفسها أيضاً فعليها أن تتخذ إجراءات الآن.
نقله إلى العربية: حسين قطايا.