"فورين بوليسي": إنقاذ وقف إطلاق النار في غزّة يبدو ضئيلاً للغاية

احتمالات إنقاذ وقف إطلاق النار في قطاع غزة خلال المستقبل القريب تبدو ضئيلة للغاية، وتداعيات الحرب على المنطقة بدأت تتكشّف.

0:00
  • الحرب على غزة

مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تنشر مقالاً يتناول أسباب استئناف "إسرائيل" للحرب على قطاع غزة، وتداعيات ذلك على المنطقة، وعلى علاقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو. 

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرّف:

استأنفت "إسرائيل" غاراتها الجوية واسعة النطاق ضد قطاع غزة يوم الثلاثاء، محطّمةً بذلك وقف إطلاق النار الهشّ، ومبدّدةً الآمال في إنهاء حرب مدمّرة، والتي أودت بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين وحوّلت القطاع إلى أنقاض. وقُتل أكثر من 400 شخص في الغارات الإسرائيلية يوم الثلاثاء، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.

وصرّح مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان أنّ الغارات نُفّذت بسبب رفض حماس إطلاق سراح الرهائن ورفضها مقترحات تمديد وقف إطلاق النار.

قال آرون ديفيد ميلر، المحلل والمفاوض السابق في شؤون الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الأميركية، لمجلة فورين بوليسي: "لستُ متفاجئاً من أيٍّ من هذا، لأنّ احتمالات تنفيذ المرحلة الثانية من خلال المفاوضات كانت دائماً ضئيلة للغاية".

وأضاف ميلر، الذي يشغل الآن منصب زميل أول في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: "لم تكن حماس لتطلق سراح جميع الأسرى الأحياء والأموات ما لم تكن لديها ضمانات قاطعة بأنّ إسرائيل ستسحب قواتها من غزة وأنّ الحرب ستنتهي. ولم يكن أحد، لا الأمم المتحدة ولا الولايات المتحدة، ليقدّم لحماس هذه الضمانات".

كما يُعتقد على نطاق واسع في "إسرائيل" أنّ نتنياهو ينظر إلى الحرب على أنها شريان حياة سياسي. وقال ميلر إنّ الوضع "مرتبط ارتباطاً وثيقاً" بـ "المحن السياسية" التي يواجهها نتنياهو.

وهدّد أعضاء اليمين المتطرّف في ائتلاف نتنياهو الهشّ بانهيار الحكومة إذا وافق نتنياهو على إنهاء الحرب بشكل دائم. غادر إيتمار بن غفير، الزعيم اليميني المتطرف لحزب القوة اليهودية القومي المتطرف، الحكومة احتجاجاً على اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في كانون الثاني/يناير. لكن الحزب أعلن عودته إلى الحكومة بعد غارات الثلاثاء. يُحاكم نتنياهو أيضاً بتهم فساد، وقد أدّى تجدّد القتال يوم الثلاثاء إلى إلغاء شهادة رئيس الوزراء المقرّرة في المحاكمة.

ماذا سيحدث الآن؟

مع إشارة "إسرائيل" إلى أنّ هجمات يوم الثلاثاء لم تكن مجرّد "هجوم ليوم واحد" وأنّ هناك المزيد في الطريق، فإنّ احتمال إنقاذ وقف إطلاق النار في المستقبل القريب يبدو ضئيلاً للغاية.

يبدو أنّ الهجمات تهدف إلى الضغط على حماس للاستجابة لمطالب "إسرائيل". ولكن حتى لو تمّ إنقاذ الهدنة بطريقة ما من قبل وسطاء دوليين، "فإنّ هذه لن تكون نهاية سعيدة"، كما قال ميلر. وأضاف: "لن تُدمّر حماس، سيظل نفوذها ملموساً وكبيراً في غزة"، و"لن توافق أي حكومة إسرائيلية على التخلّي عن المسؤولية الأمنية الشاملة عن غزة، طالما لم تكن هناك قوة أمنية بديلة".

ومن المرجّح أيضاً أن يؤدّي تجدّد القتال إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردّي أصلاً في غزة، وقد يعرّض حياة الأسرى الذين لا تزال حماس تحتجزهم في القطاع لخطر أكبر. دعت عائلات الأسرى إلى احتجاجات خارج مكتب نتنياهو في القدس، وحذّرت يوم الثلاثاء من أنّ استئناف الأعمال العدائية "سيؤدي إلى قتل الرهائن الأحياء واختفاء القتلى".

وللحرب في غزة أيضاً تداعيات أوسع نطاقاً على المنطقة. فقد أجّجت الحرب في غزة التوترات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، مما أدّى إلى صراع في لبنان بين "إسرائيل" وحزب الله، وضربات عسكرية مباشرة بين "إسرائيل" وإيران، وهجمات شنّها اليمنيون على "إسرائيل" وسفن شحن دولية في البحر الأحمر.

وقد تؤدي العودة إلى الحرب في غزة أيضاً إلى إحباط مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتوصّل إلى اتفاق تطبيع بين "إسرائيل" والمملكة العربية السعودية. وقد أدانت الرياض الضربات الإسرائيلية في بيان صدر يوم الثلاثاء.

وكما هو الحال خلال ولايته الأولى، قدّم ترامب حتى الآن دعماً كاملاً لنتنياهو في نهجه تجاه أمن "إسرائيل". ولكن إذا بدأ ترامب ينظر إلى الزعيم الإسرائيلي باعتباره عقبة أمام أهدافه ورغبته في أن يُنظر إليه باعتباره صانع صفقات، فإن هذا قد يتغيّر.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.