"فورين بوليسي": خطط روسيا للغواصات تُعدّ أخباراً سيئة للغرب

موسكو قادرة على تحدي القوى البحرية الأجنبية تحت الماء.

0:00
  • "فورين بوليسي": موسكو قادرة على تحدي القوى البحرية الأجنبية تحت الماء

مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تنشر مقالاً يتناول تحوّل الاستراتيجية البحرية الروسية نحو تعزيز أسطول الغواصات باعتباره أكثر فعالية وأقل عرضة للتدمير في الحروب الحديثة.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

في الأيام الأخيرة، ذرفت الدموع حزناً على حاملة الطائرات الروسية الوحيدة، الأميرال كوزنيتسوف. فبعد حياة طويلة ومتعثرة، خضعت السفينة لعملية تجديد فاشلة إلى درجة أنها على وشك الانهيار. صحيح أنّ البحرية الروسية ستفقد قريباً حاملة طائرات، لكّنها تعمل على توسيع أسطولها من الغواصات المخيف أصلاً.

في الآونة الأخيرة، حتى وسائل الإعلام التي نادراً ما تتناول المعدات العسكرية نشرت عناوين رئيسية كبيرة عن حاملة الطائرات السوفياتية، الأميرال كوزنيتسوف، التي كانت حاملة الطائرات الوحيدة لروسيا لمدة 40 عاماً. يبلغ طولها أكثر من 1000 قدم، ويبلغ مداها 9800 ميل، وكانت تصميماً صالحاً للخدمة من أواخر الثمانينات، لكنها دائماً ما كانت متأخرة عن نظيراتها الأميركية.

لكن الأميرال كوزنيتسوف تعرضت للعديد من الحوادث المؤسفة التي جعلت الناس يشعرون بالأسف عليها. كانت هناك عمليات نشر ملغاة وإصلاحات وسنوات عديدة من الخمول. عندما شاركت السفينة في مهمة قتالية، مبحرة إلى سوريا لدعم الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2016، فقدت طائرتين.

في عام 2017، أُرسلت السفينة القديمة إلى مورمانسك للإصلاحات والتحديث، وهي عملية استمرت طويلاً. في العام التالي، غرق الحوض الجاف الذي كانت السفينة تُصلح فيه. في العام التالي، اندلع حريق كبير على متن السفينة، ما أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل وإصابة 10 أشخاص. في عام 2021، أُلقي القبض على مدير أحد مصانع إصلاح السفن للاشتباه في اختلاسه أموالاً مخصصة للإصلاحات.

ثم اندلع حريق آخر على متن حاملة الطائرات "الأدميرال كوزنيتسوف" في ديسمبر 2022. والآن، تأتي أنباء عن احتمال تفكيك السفينة بالكامل.

لكن أي استهزاء بالبحرية الروسية سيكون في غير محله. قال سيرجي أفاكيانتس، القائد السابق لأسطول المحيط الهادئ الروسي: "البحرية الروسية لا تحتاج إلى حاملات طائرات بالشكل التقليدي. حاملة الطائرات بالفعل جزء من حقبة ماضية. إنها بناء ضخم ومكلف يمكن تدميره في دقائق معدودة باستخدام أسلحة حديثة".

أدركت روسيا منذ زمن طويل عجزها عن منافسة مجموعات حاملات الطائرات الأميركية. وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، انشغلت بتوسيع أسطولها من الغواصات، الذي يتمتع بالفعل بمكانة مرموقة، متخذةً موقفاً واضحاً في الجدل الدائر منذ فترة طويلة حول إذا ما كانت حاملات الطائرات قد عفا عليها الزمن بطبيعتها في عصر الصواريخ والغواصات الشبحية. لطالما كانت الغواصات، بقدراتها الشبحية الكامنة، خيار الطرف الأضعف؛ فلم تستطع البحرية الألمانية مواجهة البحرية الملكية البريطانية عامي 1917 و1940، لكنها استطاعت نشر غواصات لمحاولة تدمير السفن البريطانية.

أدخلت روسيا 13 غواصة جديدة إلى أسطولها في المحيط الهادئ بين عامي 2013 و2025، بما في ذلك خمس سفن من فئة بوري تعمل بالطاقة النووية. يقول جون أيتكين، وهو غواص مخضرم كان عميداً ونائب مدير الغواصات في البحرية الملكية البريطانية حتى العام الماضي: "لن يغزو الروس أميركا. لكن ما قد يفعلونه هو غزو أوروبا، أو جزء منها، أو دولة أوروبية". أوضح أيتكين أنّ الغواصات قد تسمح لروسيا بتهديد المجموعات القتالية الأميركية المحمية بحاملات الطائرات في غياب أساطيل فعالة.

قد لا تكون هذه استراتيجية متطورة، لكن يبدو أنّ الكرملين مستثمر فيها بالكامل. في تموز/يوليو، وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين توسيع الغواصات بأنه "حاسم" وسلط الضوء على الاستحواذ المستقبلي على أربع سفن أخرى من فئة "بوري". لكن للغواصات استخدامات تتجاوز بكثير إحباط عمليات النشر البحرية الأميركية في أوروبا، وعلى عكس الأدميرال كوزنيتسوف المنكوبة، فإنها تُستخدم بانتظام.

في حزيران/يونيو، أبحرت إحداها عبر بحر الشمال والقناة الإنجليزية. وقال أيتكين: "يتطلع الروس إلى القطب الشمالي وأماكن أخرى في الوقت نفسه الذي يتطلعون فيه إلى شمال الأطلسي". ولا يقتصر الأمر على قواربهم النووية فحسب. فالدفعة الأخيرة من غواصات "كيلو" تتمتع بكفاءة عالية، وبعضها في البحر الأسود، وبحر البلطيق، وبحر بارنتس. لقد شهدنا ارتفاعاً هائلاً في نشاط القوات الروسية على طول ساحل روسيا في القطب الشمالي. ألقى بوتين خطابه المؤيد للغواصات في سيفيرودفينسك، حيث يجري تشغيل أحدث غواصة من فئة "بوري".

الغواصات رائجة. حالياً، تمتلك الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا أساطيل متقاربة الحجم، لكنها جميعاً تتطلع إلى التوسع. أدركت الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) توجه الحرب البحرية والردع. في حزيران/يونيو، أعلنت المملكة المتحدة أنها تخطط لشراء ما يصل إلى 12 غواصة هجومية جديدة، وهي زيادة كبيرة على أسطول البحرية الملكية الحالي المكون من تسع غواصات. ستدخل غواصتان أخريان الخدمة في عام 2026، إحداهما تأخرت بعد حريق كبير في حوض بناء السفن في بارو-إن-فورنيس.

كلفت ألمانيا ببناء ست غواصات جديدة - اثنتان لها وأربع للنرويج - في حالة نادرة من النجاح في عملية شراء مشتركة. طلبت السويد اثنتين. أبرمت أستراليا صفقة غواصات حاسمة مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في عام 2021، على الرغم من أنها الآن مهددة من قبل إدارة ترامب. ولكن لأن طلبات الأسلحة عملية تستغرق سنوات عديدة، فسوف تمر سنوات قبل أن تحصل الغواصات على فرصة لحماية مياه الناتو.

المهمة الأساسية للغواصات الروسية اليوم هي اختبار قدراتها الذاتية واستطلاع قدرات الناتو. لطالما كان سجلّ روسيا في البحر ضعيفاً بالنسبة إلى قوة بهذا الحجم، بدءاً من تدمير أسطولها على أيدي اليابانيين في معركة تسوشيما عام 1905، ووصولاً إلى إغراق أوكرانيا للسفينة موسكفا عام 2022. لكنها لا تزال تشكل تهديداً، والقوة غير المتكافئة للغواصات تجعلها تحدياً حقيقياً للقوة الأميركية.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.