"فورين بوليسي": ماذا تعني خطة ترامب للعالم؟

ما هو رأي 10 من الكتّاب والمحلّلين عن ما قد يعنيه إعلان ترامب بشأن قطاع غزّة بالنسبة للفلسطينيين والمنطقة والأمن القومي الأميركي؟

  • ترامب ونتنياهو ويتوسطهما جاريد كوشنير صهر الرئيس الأميركي والذي يوصف بأنّه عرّاب خطة غزّة
    ترامب ونتنياهو ويتوسّطهما جاريد كوشنير صهر الرئيس الأميركي والذي يوصف بأنّه عرّاب خطة غزّة

مجلة "فورين بوليسي" تحاور 10 كتّاب ومحلّلين وباحثين ومن بينهم أيضاً دبلوماسية أميركية، بشأن خطة الرئيس الأميركي لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزّة، وعمّا تعنيه بالنسبة للفلسطينيين والمنطقة والأمن القومي الأميركي.

أدناه نص المقابلات منقولاً إلى العربية:

في منتصف الأسبوع الجاري، صدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب العالم والعديد من المشرّعين في حزبه بإعلانه أنّ الولايات المتّحدة سوف "تسيطر" على قطاع غزّة وسنتحمّل المسؤولية عن ذلك وسنفكّك القنابل غير المنفجرة الخطيرة والأسلحة الأخرى والتخلّص من ركام المباني المدمّرة وتسويتها بالأرض.

وبينما كان بنيامين نتنياهو يقف إلى جانبه، وعده ترامب بأن تصبح غزّة "ريفييرا الشرق الأوسط"، وأشار إلى أنّ مصر والأردن ستوافقان في نهاية الأمر على استقبال الفلسطينيين النازحين. ولم يترك ترامب لنتنياهو إلّا أن يعرب له عن سعادته وشكره على "استعداده للتفكير خارج الصندوق".

ردود الفعل في أماكن كثيرة من العالم جاءت بسرعة. وقد نشرت وزارة الخارجية السعودية بياناً صحافياً على موقع "إكس" في الساعات الأولى من صباح اليوم التالي لإعلان ترامب، أكّدت فيه أنّ موقفها بشأن قيام دولة فلسطينية مستقلّة ما زال على حاله، ولن تقيم علاقات دبلوماسية مع "إسرائيل" من دون تحقيق ذلك. واتّبعت حكومات إقليمية أخرى النهج ذاته في تصدير المواقف الرافضة، كما ندّدت جماعات حقوق الإنسان بخطّة ترامب ووصفتها بالتطهير العرقي.

التطهير العرقي لن يجعل الشرق الأوسط أكثر أمناً

يوسف منير (باحث فلسطيني)

دخل مجرم حرب مدان إلى مؤتمر صحافي. ورغم أنّ هذا قد يبدو مزحة سمجة، إلّا أنّ هذا ما حدث بالضبط في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده الرئيس دونالد ترامب مع بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض هذا الأسبوع. حيث أعلن ترامب عن خطّته لتطهير عرقي لسكّان قطاع غزّة وجعل الولايات المتّحدة تسيطر على ما يعتبره عقارات يمكن تطويرها. والآن يضيف ترامب غزة إلى لائحة الأراضي والدول التي يريد الاستيلاء عليها وهي غرينلاند وبنما وكندا. قد يبدو الأمر مضحكاً، ولكنّ قلّة من الناس في المنطقة والعالم يضحكون. فبعد 15 شهراً من الدمار الشامل الذي أحدثه "الجيش" الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتّحدة في غزّة، والذي يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية وفقاً لمنظّمات حقوق الإنسان والخبراء القانونيين الدوليين البارزين، كان آخر شيء ترغب دول المنطقة في رؤيته هو المزيد من النزوح والتهجير للفلسطينيين. وفي واقع الأمر، وجدت الحكومة السعودية أنّه من الضروري إصدار بيان صحافي في الساعة الـ4 فجراً لرفض فكرة ترامب الشائنة.

لقد عانى الشرق الأوسط من عقود من عدم الاستقرار والصراع بسبب التطهير العرقي للفلسطينيين الذي حدث في عام 1948 وإنشاء دولة "إسرائيل"، والمنطقة بالتأكيد لا تريد الاستمرار على هذا الطريق طوال القرن المقبل، فقط لإرضاء رئيس الولايات المتّحدة الذي لن يبقى في منصبه سوى لبضع سنوات أخرى. ومن خلال الدعوة إلى مثل هذه السياسات الإجرامية، لن يكون ترامب في اتّجاه توسيع "اتّفاقيات إبراهام" كما يشتهي، لتشمل دولاً مثل المملكة العربية السعودية فحسب، بل إذا حاول تنفيذ الاستيلاء على غزّة، قد يطيح باتفاقيات السلام العربية الإسرائيلية السابقة، مثل الاتّفاق مع مصر في عام 1979، والأردن في عام 1994.

قد تتجاوز زعزعة الاستقرار الناجمة عن الخطوة المقترحة حدود الشرق الأوسط. وما هي الرسالة التي ستستخلصها قوى أخرى مثل الصين وروسيا من تعطّش واشنطن للاستيلاء على ما تستطيع الاستيلاء عليه من حقوق الآخرين، بتجاهل تامّ لسيادة القانون الدولي وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها. وفي أفضل الأحوال، يمكن أن يصبح ترامب عاملاً للفوضى. وفي أسوأها، قد يجرّ العالم إلى حروب الدمار الشامل التي ميّزت القرن الماضي، وأدّت إلى نشوء القواعد والمعايير التي يقفز ترامب فوقها اليوم جهاراً.

ترامب يشجّع على قتل الأميركيين

 روبرت أ. بابيه (أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو ومدير مشروع شيكاغو للأمن والتهديدات).

إنّ دعوة الرئيس دونالد ترامب للاستيلاء على قطاع غزّة، والدفع بمليوني فلسطيني إلى مكان آخر، لإنشاء "ريفييرا الشرق الأوسط" بملكيّة طويلة الأجل للولايات المتّحدة، قد لا تحدث أبداً. لكن، مجرّد اقتراح ذلك يضع الأميركيين مباشرة في مرمى نيران المتطرّفين "الإسلاميين"، ليس في الولايات المتّحدة فحسب، بل في جميع أنحاء العالم. وتظهر الدراسات بلا ريب أنّ الاحتلال العسكري الأجنبي هو السبب الرئيسي وراء ظهور الجماعات الإرهابية التي تمارس أفظع أشكال العنف والهجمات الانتحارية والتكتيكات القاتلة.

في 11 أيلول/سبتمبر 2001، شهدت الولايات المتّحدة أعنف هجوم إرهابي في تاريخها، حين ضحى 19 عنصراً من تنظيم "القاعدة" بزعامة أسامة بن لادن بأرواحهم طوعاً لقتل ما يقرب من 3000 آلاف أميركي. وبعد ذلك بفترة وجيزة، جمعت أوّل قاعدة بيانات كاملة للهجمات الانتحارية في مختلف أنحاء العالم لفهم الأسباب التي تقف خلفها. حينئذ، كانت جماعة "نمور التاميل" في سريلانكا، وهي جماعة هندوسية ذات أغلبية غير دينية، تعتبر الرائدة عالمياً في العمليات الانتحارية، والتي نفّذت هجمات أكثر من حركة "حماس" أو "الجهاد الإسلامي" بكثير. لكنّ، ما يجمع بين أغلب الهجمات الانتحارية أنّها تسعى إلى هدف استراتيجي محدّد، هو إجبار المحتلّين الأجانب على سحب قوّاتهم العسكرية من بلادهم.

في عام 1982، أدّى الدخول العسكري الإسرائيلي لجنوب لبنان إلى ظهور حزب الله، الذي استخدم الهجمات الانتحارية في مواجهته الاحتلال. كذلك الاحتلال العسكري الإسرائيلي المتصاعد للضفة الغربية وغزّة أدّى إلى نشوء حركة "حماس". وفي تسعينيات القرن الماضي، كان الوجود العسكري الأميركي المطوّل في شبه الجزيرة العربية أفضل أداة تجنيد لحملة بن لادن الانتحارية ضدّ الولايات المتّحدة. وتظهر البيانات حتّى عام 2022 أنّ الارتباط الوثيق بين الاحتلال العسكري الأجنبي والإرهاب الانتحاري استمرّ.

والأمر الأكثر بروزاً هو أنّ الاحتلال الأميركي لأفغانستان والعراق دفع حركة طالبان الأفغانية إلى بدء حملتها الخاصّة من الإرهاب الانتحاري، ممّا أدّى إلى ولادة فرع لتنظيم "القاعدة" في العراق، والذي تحوّل لاحقاً إلى تنظيم "داعش". وهذا دفع إلى موجة هائلة من الهجمات الانتحارية المناهضة لأميركا، والتي لم تهدأ إلّا بعد انسحاب القوّات الأميركية من المنطقة. ولسنوات عديدة، افترض الأميركيون أنّ خطر الإرهاب "الإسلامي" قد انتهى، أو على الأقلّ لن يؤثّرَ في حياتهم.

إنّ اقتراح ترامب باحتلال غزّة على أساس دائم من شأنه أن يحشد المتطرّفين "الإسلاميين" في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ومن ضمنهم تنظيم "القاعدة"، و"وداعش"، وغيرهما. كلّ هذا يعطي مادّةً دسمة للرواية القديمة القائلة بأنّ الولايات المتّحدة هي التهديد الحقيقي. وكلّ هذا سيدفع ثمنه المواطن الأميركي.

ماذا يريد ترامب حقاً في غزّة؟

 أحمد فؤاد الخطيب (كاتب ومحلل من غزّة)

لقد كانت رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب لغزّة، كما طرحها خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بمثابة قنبلة تفخّخ المشهد السياسي في الشرق الأوسط وتزيد عدم الاستقرار. إضافة إلى أنّ فكرة سيطرة الولايات المتّحدة على قطاع غزة غير قابلة للتطبيق بشكل واضح لدرجة أنّه لا يمكن اعتبارها خياراً وارداً في أيّ وقت قريب. كذلك، إنّ محلّلي ومراقبي السياسة الخارجية الأميركية، يركّزون اهتمامهم لمعرفة من هي الجهة أو الجهات التي يحاول ترامب الضغط عليها من خلال اتّخاذ مثل هذا الموقف المتطرّف الذي قد يحرّك وعاء المبادرات، ويعطّل التخطيط لما بعد الحرب.

يحدث كلّ هذا في الوقت الذي تجري فيه المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من اتّفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين "إسرائيل" و"حماس"، وهي مرحلة ستتعامل مع المزيد من القضايا السياسية والاستراتيجية المتعلّقة بمستقبل غزّة والتعافي من الحرب. ومن المرجّح أن يسعى ترامب إلى الضغط على الدول العربية لبذل المزيد من الجهود من أجل غزّة من خلال تهديداته باستيلاء الولايات المتّحدة على قطاع غزّة، وهو ما يشير إلى أنّه قد يضطرّ على مضض إلى التدخّل إذا لم تتّخذ هذه الدول زمام المبادرة.

ولا يستثني ترامب دول الخليج، التي يأمل أن تموّل تعافي غزّة وإعادة إعمارها. أمّا مصر والأردن، رغم عدم قدرتهما على استيعاب الفلسطينيين النازحين لأسباب جيوسياسية واقتصادية وأمنية جلية، فقد تعهّدا بتمويل إعادة إعمار غزّة. ومن المتوقّع أن تؤدّي القضايا الأمنية والاجتماعية دوراً أكثر أهمّية في القطاع، مع الهدف النهائي المتمثّل في منع احتكار "حماس" السلطة والحكم في غزّة. وبطبيعة الحال، وبغض النظر عن نوايا ترامب الحقيقية، تصريحاته ضارّة للغاية بالمكانة الدولية والإقليمية للولايات المتّحدة، وأنّ انتقاد ترامب ليس كافياً، وعلى القادة العرب تقديم مقترح مضادّ.

خلفيّة ترامب العقارية وحلم اليمين الإسرائيلي

دينيس روس (باحث ومحلل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى)

ترتبط الخلفيّة التي يتمتّع بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مجال العقارات بشكل كبير بإعلانه الصادم ودعوته إلى نقل الفلسطينيين من غزّة، التي لا تنبع من القلق بشأن تعلّق الفلسطينيين بالأرض والخوف من الطرد منها، ولكن من خلال تصوّره لمشكلة واضحة تتعلّق بإعادة الإعمار في بيئة دمّرت فيها البنية التحتية إلى حدّ كبير ومليئة بأعداد هائلة من القنابل غير المنفجرة. وبالنسبة له، إعادة الإعمار غير ممكنة ما دامت غزّة مكتظّة بالسكّان، وطلب مغادرتهم بالنسبة له إلى مصر والأردن وأماكن أخرى في المنطقة أمر منطقي، لكنّه بالنسبة للفلسطينيين والعرب، فهو تهديد عميق للقضية الوطنية الفلسطينية، ويجبر الشعب الفلسطيني مرّة أخرى على مغادرة جزء من وطنه. وفي الحقيقة هذا هو حلم اليمين المتطرّف الإسرائيلي، الذي لطالما اعتقد أنه من الممكن ببساطة القضاء على الفلسطينيين كشعب وقضية.

والقادة العرب يدركون بعمق أنّ دعم توجّه ترامب سيظهر كخيانة للحقوق الوطنية الفلسطينية، ومن شأنه أن يطلق العنان لغضب شعبي كبير ضدّهم، ويمكن أن يفضي إلى زعزعة استقرار أنظمتهم والسماح لإيران وحزب الله و"إسرائيل" بالتدخّل في شؤونهم الداخلية. كذلك حركة "حماس" ستعزّز قدرتها على استعادة مصداقيتها من خلال مقاومة مثل هذه الخيانة. وهذا ما يفسّر الرفض السريع لمقترح ترامب من جانب الحكومات المصرية والأردنية والسعودية والإماراتية والقطرية وهي البلدان عينها التي يريد ترامب أن تستضيف نحو 2 مليون فلسطيني.

قد يكون رفضهم مفهوماً، ولكن إذا كانوا يريدون ثني ترامب، فلا يمكنهم الاكتفاء بالدعوة إلى حلّ الدولتين، والذي لم يعد أكثر من شعار في هذه المرحلة. وكما نسّق العرب رفضهم العلني لخطّة ترامب بشأن غزّة، فيتعيّن عليهم أن ينسقوا مقترحاً ملموساً لما قد يأتي بعد الحرب في غزّة. على هذا يخطّط الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة واشنطن بشكل منفصل للقاء ترامب في وقت لاحق من هذا الشهر. وهما يحتاجان إلى أن يكونا قادرين على تقديم خطة عملية تستند إلى الاتّفاق مع السعوديين والإماراتيين والأردنيين والقطريين، ويوضّح كيف يمكن أن تتمّ إعادة الإعمار بمقابل نزع السلاح.

ويجب أن تتناول الخطّة أيضاً كيفيّة عمل إدارة مؤقّتة في غزّة، ومن سيتولّى مسؤولية الحكم والقانون والنظام والإدارة اليومية. ولا يمكن أن تكون "حماس" هي المسؤولة، وإلّا فلن تكون هناك عملية إعادة إعمار. وعلى الأقلّ في البداية، فإنّ السلطة الفلسطينية ضعيفة للغاية، وغير قادرة على أداء وظائفها، وفاسدة للغاية بحيث لا تستطيع أن تؤدّي أيّ دور سوى دور داعم. وقد لا يكون توفير بديل لترامب هو خياره الأوّل، ولكنّه قد ينسب إليه الفضل في دفع الدول العربية إلى تبنّي نهج حقيقي في التعامل مع اليوم التالي في غزّة.

خطّة ترامب لـ"تطهير" غزّة لم تنشأ من فراغ

 خالد الجندي (باحث في معهد الشرق الأوسط)

 أثار اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاستيلاء على غزّة و"تطهيرها" بتهجير نحو مليوني فلسطيني، غضباً دولياً لأنّه غير قانوني وغير أخلاقي. وفي الواقع هو قرار أميركي لكنّ خطّة التطهير العرقي يرعاها نتنياهو، وكلّ هذا من شأنه أيضاً أن يؤدّي إلى زعزعة الاستقرار بشكل جذري في عموم المنطقة. وفي الماضي قد أدّى التهجير للفلسطينيين في عام 1948 وإنشاء "إسرائيل" وما عرف بالنكبة، إلى عقود من العنف وعدم الاستقرار. ومن شأن نكبة ثانية برعاية الولايات المتّحدة أن تضمن عقوداً أخرى من الصراعات المحتدمة. كذلك، إنّ خطّة ترامب لم تنشأ من فراغ، بل إنّها في كثير من النواحي تشكّل التتويج الطبيعي لسياسات سلفه بايدن، فضلاً عن سنوات من الخطاب السياسي الأميركي الذي ركّز لسنوات على نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين.

ورغم أنّ الرئيس السابق جو بايدن لم يكن ليقدّم مثل هذا الاقتراح على الإطلاق، فإنّ سياساته على مدى 15 شهراً الماضية أرست وهيّأت المنصة فعلياً لإعلان ترامب، بسبب تسامحه مع التجاوزات الإسرائيلية واستخفافه بأرواح الفلسطينيين.

إنّ وصف ترامب لغزّة بأنها "موقع هدم" و"جحيم" دقيق. ومع تدمير أكثر من 90% من المساكن في القطاع، وجميع الجامعات ومعظم المستشفيات، و70% من أراضيها الزراعية، وربّما تكون غزة غير صالحة للسكن. ولكنّ، كلّ هذا لم يكن غير متوقّع، ولا حتميّاً. فقد أعلن المسؤولون الإسرائيليون عن نواياهم منذ اليوم الأول للحرب، فوعدوا بـ "تدمير" غزّة وتحويلها إلى "مدينة خيام"، في حين أعلنوا في الوقت ذاته أن "لا أبرياء" في غزّة. وبعد مرور شهر واحد فقط على حملة القصف الإسرائيلية المكثّفة، بدأ مراقبو حقوق الإنسان في الأمم المتّحدة يحذّرون بالفعل من أنّ غزّة أصبحت غير صالحة للسكن.

وعلى الرغم من هذه التحذيرات وتقييم واشنطن بأنّ حملة القصف الإسرائيلية "مبالغ فيها" و"عشوائية"، رفض بايدن فرض أيّ قيود ذات مغزى على سلوك "إسرائيل"، واستمرّ في تسليحها لضرب غزّة ولبنان. إنّ هذه العتبة المرتفعة بشكل غير عادي لقتل الفلسطينيين كانت في حدّ ذاتها انعكاساً لانخفاض قيمة إنسانية الفلسطينيين في السياسة الأميركية. وعلى عكس معاداة السامية وغيرها من أشكال العنصرية، والتي تثير عموماً غضباً من الحزبين، لقد أصبحت العنصرية والتمييز ضدّ الفلسطينيين أمراً طبيعياً في الثقافة السياسية الأميركية. ومع تحوّل السياسة الإسرائيلية نحو اليمين، أصبحت السياسة الإسرائيلية والخطاب السياسي في واشنطن أكثر عدائية تجاه الفلسطينيين. وبالتالي، فإنّ إنكار معاناة الفلسطينيين ووجودهم كشعب، وحتّى فكرة "المدنيين الفلسطينيين الأبرياء" أصبحت مسألة نسبية في السياسة الأميركية. وإذا كان بوسع واشنطن أن تتسامح مع مثل هذا القتل والدمار غير المسبوق في غزّة، فإنّ اقتلاع من تبقّى منهم قد لا يكون أمراً بعيد المنال.

اقتراح ترامب أقلّ أصالة ممّا يعتقد

ماثيو داس (نائب الرئيس التنفيذي لمركز السياسة الدولية)

من المغري دائماً رفض تصريحات دونالد ترامب الأكثر جنوناً باعتبارها مجرّدَ خيال. ولكن يجب أن ندرك أنّ اقتراحه بنقل سكّان غزّة من وطنهم إلى الخارج لأجل إعادة تطويرها عقاريّاً، ومن المفترض أن تحصل شركات ترامب على حصّة كبيرة من هذا العمل، لا يشكّل أقلّ من الدعوة إلى جريمة ضدّ الإنسانية.

يبدو أنّ فكرة ترامب نشأت مع صهره جاريد كوشنر، الذي قال العام الماضي لجمهور جامعة هارفارد في سلسلة حوارات الشرق الأوسط التي تحدّثت فيها أيضاً، إنّ "الممتلكات الواقعة على الواجهة البحرية" في غزة قيّمة للغاية". واقترح أن تجلي "إسرائيل" المدنيين بينما تقوم الولايات المتّحِدة بـ "تنظيف" القطاع. ولم يكن الأمر أقلّ إساءة إلى حدّ ما من دعوة ترامب إلى التطهير العرقي، بل كانت سلسلة التصريحات التي أطلقها المعلّقون الليبراليون والتي قالوا فيها "لقد أخبرتكم بذلك". معظمهم لم يقدّموا أيّ انتقاد للرئيس جو بايدن لدعمه غير المشروط لمدّة 15 شهراً من المذبحة الإسرائيلية التي أوصلتنا إلى هذه النقطة والذين رفضوا باستمرار التأثير المحتمل لغزّة على الانتخابات الأميركية، وحتّى الآن، كان ردّ فعل الديمقراطيين خافتاً، وقد يعود ذلك إلى أنّ عدداً كبيراً منهم لا يعتقد أنّ الصمت في مواجهة الجرائم ضدّ الإنسانية بمثابة عار.

وفي كلّ الأحوال، من المرجّح أن تأتي المعارضة الأكثر فعّالية من المنطقة، حيث أوضحت العديد من حكوماتها بالفعل أنّ اقتراح ترامب غير قابل للتنفيذ. كذلك كان قد رفض كلّ من حلفاء ترامب وكوشنر المقرّبين خطّة طرد الفلسطينيين، وفي مقدمّتِهم السعودية، التي أكّدت مرّة أخرى أنّ السلام والتطبيع مع "إسرائيل" لن يحدث من دون قيام دولة فلسطينية مستقلة.

إنّ الوعد بإبرام اتّفاق سلام بين السعودية و"إسرائيل" هو في نهاية المطاف ما قد يكبح جماح طموحات ترامب المروّعَة. وأوضح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أنّه يدرك أنّ المضي قدماً بمثل هذا الاتّفاق في غياب أيّ طريق لدولة فلسطينية سيكون بمثابة انتحار سياسي له.

ورغم أنّه لا يهتمّ كثيراً بالفلسطينيين، فإنّه يعلم أنّ الناس في بلاده، وفي المنطقة يقدّرون كثيراً القضية الفلسطينية. فنعم، لقد وصلنا إلى مرحلة حيث تبدو المملكة العربية السعودية أكثر التزاماً بالقانون الدولي وحماية المدنيين من الولايات المتّحدة.

في حين أنّه من الممكن أن يكون ترامب قد اقترح الطرد الجماعي للفلسطينيين من غزّة كحيلة مساومة، ممّا يخلق "تنازلاً" محتملاً من الفلسطينيين والدول العربية، إلّا أنّه لا ينبغي لنا أن نغفل عن خطورة هذه اللحظة.

لقد جعل رئيس الولايات المتّحدة من ارتكاب جريمة ضدّ الإنسانية سياسة صريحة لإدارته. إنّ حقيقة أنّ ترامب يرى مثل هذا الاقتراح ضمن نطاق المناقشة المقبولة هي في حدّ ذاتها انعكاس على خطابنا السياسي المكسور والفاسد إلى حدّ كبير، وخاصّة فيما يتعلّق بالفلسطينيين.

ورغم أنّ اقتراح ترامب كان مسيئاً على نحو خاصّ، فإنّ المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نتنياهو أظهر استمرارية ما كان لا يرغب كثيرون بالاعتراف به في واشنطن، في أن يقوم رئيس أميركي ورئيس وزراء إسرائيلي وحدهما بتقرير مستقبل الفلسطينيين. وهذا يشكّل مؤشراً لعقود من السياسة الأميركية تجاه الصراع وسبباً رئيسياً لفشل هذه السياسة المستمرّة.

يرتكب ترامب الخطأ ذاته الذي ارتكبته الإدارات السابقة، وإن كان بطريقة أكبر وأكثر قبحاً. إنّ جزءاً من اقتراح ترامب عن إعادة بناء غزّة وتنميتها الاقتصادية ضروري لمستقبل من التعايش بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وترامب محقّ في أنّ هذه المنطقة الساحلية الجميلة تتمتّع بإمكانات هائلة للتنمية. ولكنّ الفلسطينيين يستحقّون الاستفادة من هذه الإمكانات، وسيكون لهم رأي في هذا المستقبل، بطريقة ما. وإذا كان ترامب يريد حقاً أن يكون هذا المستقبل سلمياً، فسوف يحتاج إلى الاعتراف بهذا الواقع والتراجع عن المسار الذي اقترحه.

 تخوّف الفلسطينيين من تواطؤ الولايات المتحدة في محو وجودهم

داليا حاتوقة (صحافية تعمل في الولايات المتحدة والضفة الغربية)

من "الجنون المحضّ إلى الكلب المدلّلِ لنتنياهو"، اتّسمت ردود الفعل هنا في الضفّة الغربية المحتلّة على خطّة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مطلقين عليها "غزّة لاغو" بسخرية وانفعال وعدم تصديق. كذلك وصف معظم القادة العرب والأوروبّيين اقتراح ترامب بالسخيف والمرفوض، وهو يعزّز شكوك الفلسطينيين القديمة في تواطؤ الولايات المتّحدة في مشروع "إسرائيل" المستمرّ منذ عقود لمحو وجودهم. وعكس ترامب ما يعتبره الكثيرون غطرسة أميركية كلاسيكية في رسم مستقبل المنطقة من دون استشارة شعوبها.

لقد تعامل زعماء الولايات المتّحدة منذ فترة طويلة مع فلسطين باعتبارها مختبراً للطموحات الجيوسياسية، فتجاهلوا التطلّعات الفلسطينية على حساب تعزيز التحالف بين واشنطن و"تلّ أبيب". وبالنسبة للعديد من الناس، لقد بدت فكرة ترامب بشأن تهجير سكان غزّة قبل التدمير الإسرائيلي الشامل الأخير، حيث كان القطاع بالفعل تحت حصار منذ أكثر من 17 عاماً، واعتداءات إسرائيلية متكرّرة، وانتهاكات منهجية لحقوق الإنسان والآن تمتد إلى الضفّة الغربية التي لم يشملها وقف إطلاق النار وما زالت عملية الجدار الحديدي التي تشنّها "إسرائيل" منذ 3 أسابيع سارية هناك، حيث شدّدت القوّات الإسرائيلية الحصار على مدن مثل جنين، وأغلقت مخيّمات اللاجئين، وهدمت المنازل بحجّة الأمن. وبالنسبة للفلسطينيين الذين يعيشون وسط هذه القيود الخانقة وهجمات المستوطنين المتزايدة، يبدو أنّ إعلان ترامب عن خطّته لضمّ غزّة وتطهير سكّانها عرقياً مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعنف الإسرائيلي المتصاعد مؤخّراً.

يعتبر الكثيرون أنّ أعلان ترامب كان متعمّد التوقيت وهو بمثابة شريان حياة سياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي تعتمد قبضته على السلطة على استرضاء ائتلافه اليميني المتطرّف، وتأخير محاكمته في قضايا الفساد، ولقد كان هذا التواطؤ الأميركي الإسرائيلي بمثابة تهدئة للغضب الشعبي إزاء أزمة الرهائن التي لم تحلّ في غزة. وبالنسبة للفلسطينيين، كشف التواطؤ الأميركي الإسرائيلي عن اتّفاق تعاقدي، حيث يصرف نتنياهو الانتباه عن الاضطرابات الداخلية ويسرّع عملية الضمّ، في حين يعمل ترامب على ترسيخ إرثه باعتباره مخرّباً للقانون الدولي، ويمحو مستقبل الفلسطينيين تحت ستار الدبلوماسية.

لماذا اتّحدت مصر في معارضة خطّة ترامب بشأن غزّةَ؟

 سارة خورشيد (طالبة دكتوراه في جامعة ويسترن في كندا)

إذا كانت هناك قضية واحدة يتفق عليها الشعب المصري وحكومته بأغلبية ساحقة، فهي رفض دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإجلاء الفلسطينيين من غزّة إلى مصر. وقد تكون لدى المصريين أسباب مختلفة لهذا الموقف، لكنهم غاضبون بالقدر نفسه من مجرّد أن ترامب تجرّأ على طرحها علناً. لقد نظر الشعب المصري تاريخياً إلى "إسرائيل" باعتبارها قوّة استعمارية، وهي القوّة التي سعت مراراً وتكراراً إلى الاستيلاء على الأراضي المصرية. ومعظم الأسر المصرية لديها أفراد قاتلوا ضد "إسرائيل" في حروب 1956 أو 1967 أو 1973، وما يزال الجيل الأصغر سناً يتذكّر ما ناضل من أجله أسلافهم. ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزّة في العام الماضي، يتابع المصريون الخسائر الإنسانية الصادمة وعبّروا عن رفضها، بإطلاق حملة مقاطعة ضدّ الشركات التي يعتبرونها مؤيّدة لـ "إسرائيل"، بما في ذلك العديد من العلامات التجارية الأميركية.

إنّ تعاطف المصريين مع الفلسطينيين عظيم إلى درجة أنّ بائعاً مصريّاً متجوّلاً بسيطاً ألقى بتجارته من الفاكهة داخل شاحنات المساعدات المتّجهة إلى غزّة، في فيدو انتشر على مواقع الإنترنت في العام الماضي.

إنّ غَضب المصريين الحالي لا يستند فقط إلى الإجماع على دعم القضية الفلسطينية. فالكثيرون يرون في تصريحات ترامب الوقحة اعتداء على سيادة بلادهم أيضاً. والبعض الآخر مدفوع بخوف محافظ قائم على أساس قومي من طوفان من الفلسطينيين الذين يعبرون إلى مصر وينافسون المواطنين على الموارد المحدودة، وسط تضخّمٍ اقتصادي متفشٍ دمّر سبل عيش الملايين.

ويدرك قادة مصر أنّ التسامح مع ترامب من شأنه أن يختبر صبر الشعب المصري. فحتّى قبل أن يصدر ترامب إعلانه الصادم، رفضت وزارة الخارجية قبل فترة بشكل قاطع أيّ تهجير للفلسطينيين، سواء كان ذلك بسبب النزاع الإسرائيلي الفلسطيني أو لمدّة مؤقّتة أو طويلة الأمد.

وبالنسبة للدولة المصرية، فإنّ هذه قضية أمن قومي من شأنها أن تقوّض الدعم المحلّي المتزعزع بالفعل، وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى توتّرات داخلية خطيرة، حتّى لو عرض ترامب على مصر فوائد كبيرة في المقابل، مثل المساعدات الاقتصادية أو تخفيف أعباء الديون، فإنّ الرئيس عبد الفتاح السيسي سيجد صعوبة بالغة في تقديم أيّ تنازلات في هذه القضية، فالمخاطر عالية للغاية.

العالم العربي يعتبر خطّة ترامب بشأن غزّة بمثابة إعلان حرب

هالة راريت (دبلوماسية أميركية سابقة عملت لمدة 18 عاماً في وزارة الخارجية الأميركية، قبل أن تستقيل في نيسان/أبريل 2024 معارضة لسياسة إدارة بايدن تجاه غزة)

بوسعي أن أشهد، بصفتي دبلوماسية أميركية قديمة ومتخصّصة في شؤون الشرق الأوسط، أنّ إعلان الرئيس دونالد ترامب عن أنّ الولايات المتّحدة سوف "تستولي على قطاع غزّة" يرقى إلى مستوى إعلان الحرب. على الأقلّ، وهذا هو الحال في أنحاء العالم العربي كافة.

لقد قوّضت إدارة ترامب انتصارها الانتخابي مبكّراً. فقد تولّت السلطة وهي تنسب الفضل إلى وقف إطلاق النار في غزّة، والذي بدأ في تهدئة التوتّرات في الشرق الأوسط، ولكن الإعلان عن خطّة تتضمّن طرد الفلسطينيين واحتلال غزّة من قبل الولايات المتّحدة وضعها مرّة أخرى في مرمى النيران بشكل مباشر.

لقد رفض الزعماء العرب من مختلف أنحاء المنطقة مقترح ترامب بشدة. وقد أعلنت مصر والأردن معارضتهما الشديدة لأيّ تهجير قسري لسكّان غزّة، في حين أصدرت السعودية بياناً أكّدت فيه أنّ قيام دولة الفلسطينية غير قابلة للتفاوض، ومن دونها لن يكون هناك تطبيع سعودي مع "إسرائيل".

إنّ تأكيد ترامب على أنّ الدول العربية يمكنها ببساطة أن تستقبل اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا قسراً من غزّة من شأنه أن يورّط هؤلاء القادة في التطهير العرقي في فلسطين، وسيكون هذا بمثابة انتحار للأنظمة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وتستمرّ الاحتجاجات في العديد من أنحاء العالم العربي، من المغرب إلى الأردن، تنديداً بالقادة الإقليميين لعدم بذلهم ما يكفي من الجهود لحماية المدنيين الفلسطينيين. وفي البلدان التي تعاني بالفعل من التقلّبات الاقتصادية والسياسية والاضطرابات الاجتماعية، إلى جانب التدفّق القسري للاجئين الفلسطينيين، من شأنه أن يؤدّي إلى زعزعة الاستقرار وتدمير المنطقة إلى حدّ كبير. إنّ ما يقترحه ترامب من شأنه أن يؤدّي إلى إطلاق العنان للثورات والدفع نحو انهيار الدول في الشرق الأوسط.

إنّ هذه الخطّة لن تؤدّي إلى السلام، بل إنّها تشكّل تهديداً للأمن القومي الأميركي، وستدفع إلى استمرار حلقة مفرغة من العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين. والحلّ الوحيد كان وسيظل دائماً هو الدبلوماسية، وإنهاء الاحتلال غير الشرعي، وحقّ الفلسطينيين في تقرير المصير وفقاً للقانون الدولي.

ترامب يجعل نقل السكّان سياسة أميركية

آرون ديفيد ميلر (باحث في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي)

يمكنني القول إنّ مناورة الرئيس دونالد ترامب بشأن غزّة تتجاوز أكثر الاقتراحات جنوناً وتدميراً التي قدّمتها أيّ إدارة أميركية على الإطلاق، مع أنّ كان من بينها بعض الاقتراحات الغريبة. وبضربة واحدة، وبوقوفه إلى جانب زعيم إسرائيلي بدا مثل القطّة التي ابتلعت توّاً عشرات عصافير الكناريّ، أطلق الرئيس العنان لمخطّط ليس فقط غير عملي بل خطير.

لقد سخّر ترامب الآن هيبة الولايات المتحّدة ومصداقيّتها لطرح فكرة سينظر إليها على أنّها نقل قسري أو ما هو أسوأ من ذلك. وأثبت صحّة أوهام اليمين الإسرائيلي الخطيرة للغاية، وقوّض شركاء الولايات المتّحدة الرئيسيين مثل مصر والأردن، وجعل هدفه الخاصّ المتمثّل في التطبيع الإسرائيلي السعودي أكثر صعوبة، وأرسل إشارة لا لبس فيها إلى الأنظمة الاستبدادية في كلّ مكان مفادها أنّ لديهم الحقّ بفعل ما يريدونه.

 قول ترامب هو اقتراح غير جادّ من رجل غير جادّ، أعتقد أننا ربّما فاتتنا النتيجة الحقيقية من هذا المؤتمر الصحافي. لم أستطع إلا أن ألاحظ أنّ ترامب كان يقرأ من نصّ مكتوب أثناء شرحه لمقترحه. ومن المرجّح أنه ناقش المقترح مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أو ربما تأثّر به، رغم أنّ نتنياهو بدا وكأنه لا يستطيع تصديق ما كان يسمعه.

كذلك بدا ترامب منفصلاً عن الانخراط في مسألة اتّفاق وقف إطلاق النار، مؤكّداً أنّه لا يعرف ما إذا كان سيتمّ تنفيذه، وأوضح أنّه التقى نتنياهو للاستماع منه. من المؤكّد أنّ كلّ هذا قد يتغيّر. ففي عالم ترامب لا يوجد ما يضمن حدوث أيّ تغيير. ومع ذلك، غادر نتنياهو البيت الأبيض كواحد من أسعد الناس على وجه الأرض. والآن أصبحت لديه نقاط نقاش يستطيع استخدامها مع حلفائه من اليمين المتطرّف، حيث يزعم أنّ صديقه الحميم في البيت الأبيض يرى غزّة بالطريقة التي يرونها بها خالية من "حماس"، ومن الفلسطينيين أيضاً للأسف.

نقله إلى العربية: حسين قطايا

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.