"ميدل إيست آي": كيف أصبحت وسائل الإعلام الفرنسية بوقاً للدعاية الإسرائيلية؟
في ذروة حصار التجويع والإبادة الجماعية الذي فرضته "إسرائيل" على غزة، عملت وسائل الإعلام الفرنسية بشكل منهجيّ على تضخيم الدعاية الإسرائيلية، وإخفاء حجم الفظائع التي ارتكبتها، وتجاهل المعاناة الفلسطينية.
-
ماكرون ونتنياهو
موقع "ميدل إيست آي" ينشر تقريراً يتناول فيه طريقة تغطية وسائل الإعلام الفرنسية للحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحتى اليوم، مسلّطاً الضوء على أنّ معظمها تبنّى الرواية الإسرائيلية بشكل شبه كامل، رغم ارتفاع مستوى الانتقاد الدولي لـ"إسرائيل" خلال فترات الإبادة الكثيفة.
وخلص التقرير إلى أنّ الخطاب المنحاز للإعلام الفرنسي يهدف إلى منع الجمهور الفرنسي من فهم حقيقة ما يجري، ويغطي على الإبادة والتطهير العرقي الذي يتعرّض له الفلسطينيون.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
على الرغم من الاهتمام المتزايد بالمصير المروّع الذي لقيه الفلسطينيون بين شهري أيار/مايو وتشرين الأول/أكتوبر، بما يتماشى مع التصريحات الأكثر انتقاداً للحكومات الغربية، لم تتوقّف وسائل الإعلام الرئيسة في فرنسا قط عن ترديد خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من دون أيّ تفكير أو نقد، حتى في الوقت الذي كان تتمّ إبادة الفلسطينيين أمام أعيننا.
ولم يُشر هذا التحوّل الطفيف والمؤقت في اللهجة إلى أيّ تغيير في مواقفها المؤيّدة بشدة لـ"إسرائيل"، بل كان بمثابة لحظة احتواء للخسائر خلال أسوأ مراحل الإبادة الجماعية. وقد اضطرت وسائل الإعلام الفرنسية - وبدرجات متفاوتة، وسائل الإعلام في عدد من البلدان الأخرى - على الأقل إلى التظاهر بأنها تنتقد "إسرائيل" وتخصّص مساحة أكبر لمعاناة الفلسطينيين. إلا أنها نشرت في الوقت عينه مجموعة من الاستراتيجيات التي ألغت فعلياً هذا التحوّل الطفيف والمؤقت في تقاريرها، الأمر الذي سمح لها بمواصلة اتباع الرواية الرسمية الإسرائيلية قدر المستطاع.
وهذه الأساليب كانت ولا تزال ممنهجة في جميع قنوات التلفزيون والإذاعة الفرنسية المهيمنة، العامة والخاصة على حد سواء، وكذلك في الصحف والمجلات الكبرى، من يسار الوسط إلى أقصى اليمين. وكانت صحيفة " لومانيتيه" (L'Humanite) اليومية الشيوعية الصغيرة، التي تفتقر إلى النطاق والتأثير اللذين تتمتع بهما الصحف الأكبر حجماً، الاستثناء الوحيد. والنتيجة مشهد إعلاميّ تواصل فيه الدعاية المؤيّدة لـ"إسرائيل" تشكيل التغطية الإعلامية على المستويات كافة.
التضليل عن طريق الحذف
في وقت بات من المستحيل إنكار حقيقة الإبادة الجماعية ــ بعد أن اعترف بها كبار الأكاديميين المتخصصين في دراسات الهولوكوست ولجنة التحقيق الدولية المستقلة، وبعد أن دعا عدد من الشخصيات العامة اليهودية الإسرائيلية الدولية إلى فرض عقوبات ــ أشبعت وسائل الإعلام الفرنسية تغطيتها بالمحرّضين الإسرائيليين المعروفين والمسؤولين الحكوميين. واستغلّت مُنكرِي الإبادة الجماعية أمثال كارولين فوريست وجورج بنسوسان ومنحتهم وقتاً طويلاً على الهواء من دون أي منازع.
وقد أنكرت فوريست، التي تتمتع بحضور إعلامي واسع على الرغم من سجلها الحافل بالتضليل الإعلامي والتي غالباً ما تهاجم المسلمين وتدافع عن "إسرائيل"، الحصار الإنساني الذي تفرضه "إسرائيل" وزعمت أنّ حماس تسرق الغذاء والمساعدات. كما أصرّت على أنّ أعداد الضحايا الفلسطينيين مبالغ فيها، وأنه يجب "تقسيمها على الأقل 5 أو حتى 10"، متجاهلةً أنّ هذه الأرقام تُعدّ على نطاق واسع أقل بكثير من العدد الحقيقي. ومع ذلك، مُنحت هي وسواها الحرية الكاملة لتكرار أكاذيب "إسرائيل" المثبتة، بما في ذلك القصص المُلفّقة عن الأطفال الرضّع الذين تمّ قطع رؤوسهم.
وتُظهر دراسات حديثة أنّ التغطية الإعلامية الفرنسية اقتصرت في معظمها على اقتباس تصريحات نتنياهو أو "الجيش" الإسرائيلي من دون أيّ مسافة نقدية، مُكرّرةً بذلك التصريحات الرسمية للحكومة الإسرائيلية وقواتها المسلحة. وكانت هذه التصريحات غالباً المصدر الوحيد للأخبار، مُبرَّرةً بدعوى "الموضوعية الصحفية".
خلال التغطية الإعلامية، لا ينبغي النظر إلى ما يُعرض فحسب، بل إلى ما يُحذف أيضاً. لكن في هذه الحالة، عملت جميع وسائل الإعلام الفرنسية المهمة بشكل كبير على التقليل من شأن معاناة الفلسطينيين وتجاهل الجوانب الأساسية من إبادة "إسرائيل" للشعب الفلسطيني، ولا سيما خارج قطاع غزة. فعلى سبيل المثال، لم تقم صحيفة "لو باريزيان" (Le Parisien) اليومية المؤثّرة، التي تحدّد في كثير من الأحيان أجندة الأخبار، بتغطية أحداث الضفة الغربية على الإطلاق لمدة 11 شهراً بين تشرين الأول/أكتوبر 2023 وأيلول/سبتمبر 2024، ما أدّى إلى إخفاء حملة التطهير العرقي التي تجري فيها.
وخلال أسوأ هجمات الإبادة الجماعية التي شنّتها "إسرائيل"، توقّفت نشرات الأخبار في الواحدة ظهراً والثامنة مساءً على القناة العامة "فرانس 2" والقناة الخاصة "تي إف 1" عن تغطية أحداث غزة بشكل أساسي، بحيث خصصت 5 و8 دقائق فقط على التوالي، على مدى 10 أيام متتالية بين 5 و14 أيلول/سبتمبر 2025 ــ معظمها قُضي في تكرار الرواية الرسمية الإسرائيلية. ومع ذلك، وجدت وقتاً كافياً لعرض أمور تافهة، بما في ذلك أخبار المشاهير والشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي حول بريجيت ماكرون.
وترقى هذه الاختيارات التحريرية، المتشابهة في وسائل الإعلام العامة والخاصة والمتعمّدة بشكل واضح، إلى مستوى مراقبة "إسرائيل" تقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية وإخفاء ذلك عن الجمهور. وقد حدث ذلك في وقت مُنع الصحافيون من دخول غزة حتى تتمكّن "إسرائيل" من الإمعان في ارتكاب جرائمها وإخفاء معالمها- بما في ذلك، استهداف الصحافيين الذين خاطروا بحياتهم لتغطية هذه الجرائم، عند الضرورة.
التلطيف الممنهج
تعمل وسائل الإعلام الغربية بانتظام على حجب المعلومات التي تكشف عن تصرفات "إسرائيل"، بما في ذلك عدم شرعية حملات القصف التي تشنها في إيران وسوريا ولبنان؛ وسجلها الحافل في انتهاك القانون الدولي؛ وإداناتها المتكررة بارتكاب جرائم حرب من قبل الأمم المتحدة؛ والحقيقة الاستثنائية أنّ "دولة" تُعامل كحليف ويحكمها منذ سنوات رجل مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية والقتل وغيرها من الأعمال اللاإنسانية.
ويُعدّ هذا الصمت تضليلاً عن طريق الحذف. ونُلاحظ استخدام وسائل الإعلام للغة مُلطّفة لوصف الفظائع التي ارتكبتها "إسرائيل" منذ عام 1948. وخلال العامين الماضيين، كانت الإبادة الجماعية مجرّد "حرب ضد حماس" أو حلقة أخرى مما يُسمى "الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني". أما الكلمات مثل "الاستعمار" و"الاستعمارية" و"الفصل العنصري" و"التفوّق اليهودي" و"المجازر" أو حتى "الأراضي المحتلة"، فهي غائبة تماماً، ما يكشف عن اختيارات تحريرية متعمّدة لإخفاء حقائق مركزية لا تقبل الجدل.
ويُصبح التطهير العرقي "تهجيراً للسكان"، والاستعمار "إجلاءً استراتيجياً ومنهجياً" أو "توسّعاً هجومياً". وتُصبح الأهداف المدنية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات، "مواقع معادية". وتُوصف "الدولة" العرقية العنصرية والاستعمارية والتمييزية والمتعصّبة دينياً بأنها "ديمقراطية" وجزء من "الغرب". ويعكس هذا الخطاب خطاب "إسرائيل" نفسها، متجاهلاً المؤرخين اليهود الإسرائيليين الذين لطالما دحضوا خرافات الشرعية الذاتية. وبالتالي، "إسرائيل" لا "تقتل" أحداً؛ الفلسطينيون ببساطة "يموتون" أو "يُقتلون". وبالتالي، تُسقِط صيغة المجهول مسؤولية "إسرائيل".
منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تبنّت وسائل الإعلام الفرنسية والغربية ذريعة "إسرائيل"، واصفةً هاتين السنتين المروّعتين بأنهما "دفاع عن النفس" في لغة مُضللة متقنة. ومن اللافت للنظر أيضاً أنّ "إسرائيل" لم تُصنَّف قط على أنها "دولة إرهابية"، على الرغم من كونها "الدولة" الأكثر فتكاً في العالم وداعمة نشطة للإرهاب، في حين أنّ مصطلحات مثل "إرهابي" أو "إرهاب" أو "مذبحة" أو "قتل" مخصصة بشكل حصري لأعدائها.
ازدواجية المعايير
إلى جانب ما يتمّ الإبلاغ عنه أو يتمّ حجبه، تُعدّ كيفيّة صياغة القصص مهمّة بالقدر نفسه.
لقد وثّقت هيئات مراقبة الإعلام الفرنسية، بما في ذلك "Acrimed" و"Arret sur Image" و"Les Mots Sont Importants" (LMSI) و"Blast"، الصيغة المؤيّدة لـ"إسرائيل" بشكل جوهري في مختلف وسائل الإعلام الرئيسة، إلى الحدّ الذي جعل حتى الذكاء الاصطناعي في شركة "غوغل" عاجزاً عن إيجاد أيّ شيء إيجابي ليقوله عندما سُئل عن كيفيّة تغطيته لـ"صراع" غزة. وسيطرت الأصوات المؤيّدة لنتنياهو على وقت الشاشة وطريقة المعالجة، في حين تمّ تهميش الضيوف المؤيّدين للفلسطينيين النادرين، وانتقادهم باعتبارهم مؤيّدين لحماس، ومقاطعتهم باستمرار ووضعهم بين عدد من الضيوف المؤيّدين لـ"إسرائيل" و"المراقبين".
وبرزت ازدواجية المعايير بوضوح في تغطية الخسائر وعملية إطلاق سراح الرهائن والأسرى. فخصصت قناة "فرانس 24" 3 دقائق ونصف الدقيقة لتقريرها المباشر عن إطلاق سراح 20 إسرائيلياً، في حين خصصت دقيقة واحدة فقط لـ90 أسيراً فلسطينياً. وكانت النبرة احتفالية للإسرائيليين، وفاترة للفلسطينيين. ووُصف الفلسطينيون بأنهم "سجناء" لا "رهائن"، مع التركيز المستمر على الإرهاب المزعوم. حتى أنّ بعض المعلّقين وصفوا جميع الرهائن الفلسطينيين بـ"الإرهابيين"، وتجاهلوا أنّ الكثيرين منهم أطفال تعرّضوا للإساءة في السجون الإسرائيلية، مردّدين بذلك الرواية الإسرائيلية الرسمية. وهناك جانب آخر من هذه المعاملة التفضيلية تمثّل في إضفاء الطابع الإنساني الحصري على الرهائن الإسرائيليين الـ20، من خلال عرض مجموعة كبيرة من الصور والقصص الشخصية وتفاصيل السيرة الذاتية. ولم يُطبّق أيّ من ذلك على الأسرى الفلسطينيين الذين يحتجزهم "الجيش" الإسرائيلي، بما في ذلك العشرات من الأطفال الذين لم تخصّص لهم أيّ تقارير. هذه المعايير المزدوجة في تقييم أرواح الأبرياء هي معايير كمية ونوعية على حدّ سواء.
وكان المنطق نفسه واضحاً في ردود الفعل على "خطة ترامب للسلام". إذ من المتوقّع أن يتمّ نزع سلاح فلسطين و"نزع التطرّف فيها"، لكن لا يوجد اقتراح مماثل لنزع السلاح من "إسرائيل"، التي قتلت من المدنيين العزّل أكثر بكثير من حماس وكلّ الجماعات المسلحة الفلسطينية الأخرى مجتمعة. وليس هناك أيّ دعوة لمواجهة التطرّف في المجتمع الإسرائيلي، الذي تظهر استطلاعات الرأي والتقارير الميدانية أنه مجتمع غير إنساني إلى حدّ كبير ومتطرّف إلى حدّ العنف ــ مجتمع يحكمه متعصّبون دينيون انتخبهم سكانه.
توفّر خطة ترامب ضمانات أمنية واسعة النطاق لـ"إسرائيل"، بينما تتجاهل الاحتياجات الأمنية للفلسطينيين، الذين يبقون ضحايا إبادة جماعية واسعة النطاق قتلت فيها "إسرائيل" عشرات الآلاف وأصابت مئات الآلاف، معظمهم من المدنيين العزّل.
"التوجّه الحاضر المضلّل"
وتشمل الأساليب الأخرى الشائعة للتضليل الإعلامي الاختزال إلى حماس، الذي يبرّر قتل المدنيين من خلال الادّعاء بأنّ حماس وحدها كانت مستهدفة، والاختزال الموازي إلى 7 تشرين الأول/أكتوبر، الذي يتمّ من خلاله تبرير جميع الجرائم الإسرائيلية في العامين الماضيين من خلال استخدام هجوم "7 تشرين الأول/أكتوبر" كذريعة. وهذا يسمح لشخصيات إعلامية و"خبراء" زائفين، وهم عادة من المحرّضين المؤيّدين لـ"إسرائيل" الذين يتمّ تقديمهم على أنهم متخصصون في شؤون الشرق الأوسط، بالانحراف عن مسار القضايا المطروحة. فعندما سُئلت الصحافية الإسرائيلية رينا باسيست الشهيرة عن الاستعمار الإسرائيلي غير الشرعي الذي يعود تاريخه إلى ما قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر بوقت طويل، أشارت على الفور إلى "هجوم حماس"، على الرغم من أنّ حماس لم يكن لها أيّ علاقة بالاستعمار الإسرائيلي ولم تكن موجودة عندما بدأت "إسرائيل" في ضمّ الأراضي.
إنّ هذا التوجّه الحاضر المضلّل يمحو الأسباب العميقة والتاريخ الطويل الذي أدّى إلى ذلك الهجوم، ويتجاهل حقيقة أنّ مشروع الإبادة الإسرائيلي بدأ قبل وقت طويل من تشرين الأول/أكتوبر 2023. وهو جزء من سلسلة متواصلة من حملات التطهير العرقي التي بدأت 1947 والتي تُخفيها وسائل الإعلام الغربية عبر التضليل عن طريق الحذف. وتُعتبر أيّ محاولة لشرح هذا التاريخ والسياق المهمين تبريراً للعملية.
ويُعدّ تحويل الانتباه أمراً شائعاً؛ فبدلاً من تغطية الإبادة الجماعية، أعادت وسائل الإعلام الفرنسية التركيز على معاداة السامية في فرنسا أو اختلقت الجدل حول حوادث بسيطة، مثل رفع بعض المباني البلدية للأعلام الفلسطينية، التي وُصف رؤساء بلدياتها بأنهم "مؤيّدون لحماس". كما يُعدّ التضليل تكتيكاً خبيثاً آخر، من خلال مساواة هجوم حماس بالعدوان الإسرائيلي المستمر منذ عامين، والحديث عن "معاناة الجانبين" أو "ضحايا فلسطينيون وضحايا إسرائيليون".
وهذا من شأنه أن ينشر مساواة زائفة لا وجود لها في الواقع، ويغطي التفاوت الجذري في الخسائر والقوة والموارد والمكانة بين السكان المدنيين الذين يتعرّضون للقصف و"الدولة" الاستعمارية التي تقصفهم.
تقويض للصحافة
في الختام، نلاحظ مدى ضيق التغطية الإعلامية وتقييدها، جغرافياً وتاريخياً على حدّ سواء. إذ لم تُذكر الهجمات التي تشنها "إسرائيل" على لبنان أو سوريا، ولم تُعالج المناظرات والبرامج الحوارية التي لا تُحصى في 7 تشرين الأول/أكتوبر والسنتين اللتين تلتا هذا التاريخ الأسئلة الجوهرية المتعلّقة بأصل هذا الهجوم، والاحتلال الوحشي المستمر منذ عقود، والسياق الأوسع الذي أدى إليه. كذلك، لم يتمّ طرح أهمّ سؤالين وهما: هل كانت هذه الإبادة الجماعية الأخيرة جزءاً من حملة إبادة أطول بكثير ضد الفلسطينيين بدأت في عام 1947 واستمرت منذ ذلك الحين، بالتناوب بين المجازر العلنية والإبادة الجماعية "السرية" المتواصلة التي تتخذ أشكالاً متعددة؟ وهل هذه الإبادة الجماعية، إلى جانب تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم الذي يمارسه المجتمع الإسرائيلي، مُدرجة في طبيعة المشروع الصهيوني- أي في جوهره - وإن لم تكن نيته الصريحة، فهي نتيجته المنطقية، بما أنّ هذا المشروع يطالب بزوال الفلسطينيين؟
من الناحية المهنية والأخلاقية، كانت تغطية فرنسا للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر وحتى اليوم بمثابة تقويض للصحافة، ولكن تبعاً للخطة الإسرائيلية. وتماشياً مع السياسة الخارجية الفرنسية منذ عهد ساركوزي، تفوّقت وسائل الإعلام الفرنسية على نفسها في تغطيتها لأحداث غزة، بل وأصبحت في كثير من الأحيان أكثر تأييداً لـ"إسرائيل"، وأكثر دعائية وصهيونية بلا قيد أو شرط من عدد من الصحافيين اليهود الإسرائيليين، ومؤرّخي الهولوكوست، ومنظمات حقوق الإنسان مثل "بتسيلم"، أو حتى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت.
نقلته إلى العربية: زينب منعم.