"وول ستريت جورنال": الدبلوماسية الأميركية عملت كغطاء للعدوان الإسرائيلي على إيران
المفاوضات التي اعتُبرت وسيلة للحفاظ على السلام أتاحت لـ"إسرائيل" فرصة توجيه ضربات عسكرية ثقيلة.
-
مواطن إيراني يحمل صورة الشهيد محمد باقري الذي اغتالته "إسرائيل"
صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية تنشر مقالاً تناولت فيه السياق الدبلوماسي والسياسي الذي سبق ورافق العدوان الإسرائيلي على إيران.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرّف:
اعتُبرت المفاوضات الأميركية مع إيران، وسيلةً مهمةً للحفاظ على السلام الإقليمي. إلا أنها في النهاية شكّلت غطاءً مثالياً لهجوم إسرائيلي مفاجئ.
مع انعقاد الجولة السادسة من المحادثات بين مبعوث إدارة ترامب ستيف ويتكوف ونظرائه الإيرانيين يوم الأحد في عُمان، حذّر مسؤولون إسرائيليون وأميركيون من عمل عسكري إذا لم توافق إيران على إنهاء إنتاجها للمواد الإنشطارية التي يمكن استخدامها في الأسلحة النووية.
بدلاً من ذلك، ضربت "إسرائيل" أولاً، محقّقة مفاجأة تكتيكية من خلال سلسلة مدمّرة من الضربات التي قتلت ثلاثة من كبار الجنرالات الإيرانيين وعلماء نوويين رئيسيين وضربت مواقع مرتبطة بالبرامج النووية للبلاد.
في صباح يوم الجمعة، كتب الرئيس ترامب، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، "لقد منحت إيران فرصة لإبرام صفقة" لكنهم "لم يتمكّنوا من إنجازها". وقال إنّ الضربات الإسرائيلية نُفّذت بسبب تعنّت طهران، وحثّ الإيرانيين على التوصّل إلى اتفاق "قبل ألّا يتبقّى شيء".
لشهور، أشار ترامب بانتظام إلى رغبته في إعطاء الدبلوماسية فرصة للنجاح قبل أيّ تحوّل إلى القوة العسكرية، وكان من المقرّر أن يكون اجتماع يوم الأحد المخطّط له في مسقط خطوة أخرى في رحلة عالية المخاطر.
كان من المتوقّع أن تردّ إيران آنذاك على مقترح ويتكوف لوضع إطار عمل لحلّ الأزمة بشأن جهود طهران النووية. كان الطرفان على خلاف دائم، إذ أصرّت الولايات المتحدة على أنّ إيران ستضطر في النهاية إلى وقف تخصيب اليورانيوم، وهو ما رفضته طهران. ولكن حتى في ظلّ تزايد احتمالات توجيه ضربة إسرائيلية، كان من المتوقّع استمرار المحادثات.
قال ترامب إنه لا يعتقد أنّ هجوماً إسرائيلياً وشيكاً، "لكنه أمر وارد جداً". كما قال إنّ واشنطن وطهران "قريبتان من اتفاق جيّد إلى حدّ ما"، لكنّ إيران ستحتاج إلى تقديم المزيد من التنازلات لتجنّب الصراع.
بعد ساعات، أطلقت "إسرائيل" مئات الطائرات الحربية على عدة دفعات لضرب أهداف في أنحاء إيران.
قال دينيس روس، الذي شغل منصب مسؤول كبير في قضايا الشرق الأوسط خلال الإدارات الديمقراطية والجمهورية: "لا شكّ أنّ مهمة ويتكوف كانت عاملاً رئيسياً في المفاجأة". "كان الإيرانيون سيفترضون أنّ إسرائيل لن تهاجم بينما كانت المحادثات جارية وكان الاجتماع على وشك الانعقاد".
قال مسؤولان أميركيان إنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أثار احتمال شنّ هجمات على إيران في مكالمة هاتفية مع ترامب يوم الاثنين. بعد ذلك بوقت قصير، بدأت الولايات المتحدة في نقل بعض الدبلوماسيين وأفراد عائلاتهم العسكريين من الشرق الأوسط. وصرّح مسؤولون في إدارة ترامب لصحيفة وول ستريت جورنال يوم الخميس أنّ "إسرائيل" مستعدّة لضرب إيران في غضون أيام.
أصرّ مسؤولو إدارة ترامب مساء الخميس على أنّ ويتكوف لا يزال يخطّط لحضور محادثات الأحد. لكن احتمالية لقائه بنظيره الإيراني بدت غير مؤكّدة، مع تعهّد طهران بالردّ على "إسرائيل"، واتهام بعض المسؤولين الإيرانيين المتشدّدين واشنطن بالتواطؤ في الهجوم الإسرائيلي.
ولم يُجب المسؤولون الأميركيون مساء الخميس عن أسئلة حول متى علم البيت الأبيض بنية "إسرائيل" شنّ هجوم قبل اجتماع ويتكوف يوم الأحد في عُمان.
قال وزير الخارجية ماركو روبيو في بيان إنّ الولايات المتحدة لم تكن متورّطة في الضربة الإسرائيلية. لكنه لم يستبعد دوراً أميركياً في مساعدة "إسرائيل" على الدفاع عن نفسها ضدّ انتقام طهران، وهو سيناريو قد يجرّ واشنطن إلى الصراع ويدفع البنتاغون إلى إرسال المزيد من القوات إلى الشرق الأوسط.
كان أحد المخاوف الرئيسية هو أنّ الضربات الجوية الإسرائيلية قد تلحق الضرر بالبرنامج النووي الإيراني ولكنها لا تدمّره لأنّ الكثير منه مدفون ومتفرّق. قد يسمح ذلك لإيران بمواصلة برنامجها النووي سراً. وكان هناك خوف آخر قائم منذ فترة طويلة من أنّ إيران قد تردّ على ضربة إسرائيلية بشنّ هجمات على القواعد الأميركية في المنطقة، وحلفاء واشنطن العرب، وشحنات النفط في الخليج، وهو ما من شأنه أن يجرّ الجيش الأميركي إلى المعركة.
كانت هناك تكهّنات أكثر تفاؤلاً لأسابيع بأنّ التهديد بعمل عسكري إسرائيلي أو أميركي قد يُمكّن دبلوماسية ويتكوف من خلال الضغط على طهران للاستجابة لمطالبها بتقليص برنامجها النووي ووقف تخصيب اليورانيوم.
ومع ذلك، وبعد خمس جولات من المحادثات بدا فيها الجانبان متباعدين، كانت العملية الدبلوماسية هي التي مكّنت الحملة العسكرية الإسرائيلية.
ويقول بعض المسؤولين الأميركيّين السابقين إنه لن يكون من السهل على ترامب النأي بنفسه عن العملية العسكرية الإسرائيلية.
صرّح آرون ديفيد ميلر، المفاوض الأميركي السابق للسلام في الشرق الأوسط، بأنه لا توجد مؤشّرات على أنّ البيت الأبيض كان معارضاً بشدة لضربة عسكرية إسرائيلية لدرجة استعداده لتعريض العلاقات الأميركية الإسرائيلية للخطر. وأضاف أنّ "إسرائيل" مُنحت "ضوءاً أخضر معقولاً".
نقلته إلى العربية: بتول دياب.