شعبية مارين لوبان لم تتراجع رغم القرار القضائي بحقها
اليوم الأحد سيُقام تجمع لأنصار مارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطني، في باريس لدعمها بعد القرار القضائي بنزع أهليتها للترشح إلى أي انتخابات عامة، بانتظار صدور الحكم النهائي في قضية الفساد التي تواجهها مع بعض أركان حزبها.
-
زعيمة حزب التجمع الوطني مارين لوبان
الصدمة التي أحدثها القرار القضائي بمنع زعيمة حزب التجمع الوطني الفرنسي مارين لوبان من الترشح للانتخابات لا تزال مستمرة، ومعها يصح السؤال: هل تضرر الحزب من هذا القرار؟
إذا ما صدقت الأرقام، فسيكون الرد بالنفي. استطلاع للرأي يدفع في هذا الاتجاه ويظهر أن شعبية الحزب لم تتراجع عما سجتله في الانتخابات التشريعية العام الماضي وقبلها في انتخابات البرلمان الأوروبي.
يظهر استطلاع الرأي أن مارين لوبان (الممنوعة من الترشح، على الأقل حتى الآن) تستند، كما حزبها، إلى قاعدة شعبية راسخة. 36% من الفرنسيين سيصوتون لها في الدورة الأولى من انتخابات الرئاسة، متقدمة بأكثر من الثلث على أقرب شخصية يمكن أن تنافسها، وهو فيليب إدوار، رئيس الوزراء الأسبق وزعيم حزب "آفاق واحد"، أو كان معسكر الرئيس ماكرون.
ولئن عاكسها القدر وأبقاها القضاء خارج أي استحقاق انتخابي، فيمكن لزعيم الحزب جوردان بارديلا أن يحمل الراية، فشعبيته متقاربة مع 35.5%، ما يعني أن افتقاد بارديلا للخبرة السياسية وعامل السن الشبابي لم يغيرا في نظرة جمهور الحزب إليه.
صحيح أن الانتخابات الرئاسية لن تجري قبل عامين (إذا لم يحدث تطور ما)، لكن هذه الأرقام تبقى مع ذلك مقلقة لبقية الطبقة السياسية من اليمين التقليدي واليسار المتنوع، اللذين تضعضع حضورهما منذ وصول إيمانويل ماكرون إلى السلطة عام 2017.
لا شك أن هذه النتائج مخيبة لآمال الكثيرين ممن يتهيأون لخوض السباق الرئاسي، ومن بينهم غبريال آتال، رئيس الوزراء الشاب والمدعوم من صديقه رئيس الجمهورية، إضافة إلى وزير الداخلية الحالي برونو ريتيلليو، الذي يحاول حجز مقعد أساسي له في المشهد السياسي من خلال خطاب حاد يكاد يلامس طروحات أقصى اليمين ضد الهجرة والمهاجرين والإسلام، وعيناه ترنوان إلى عام 2027.
غير أن استطلاع الرأي يبقي ريتيلليو في مرتبة بعيدة عمّن سبق ذكرهم بحصوله على نحو 10%، وهي نسبة قريبة من تلك التي يسجلها جان لوك ميلانشون، زعيم حزب "فرنسا غير الخاضعة"، الذي تؤخذ عليه مواقفه الحادة حيال قضايا مجتمعية وبعض رفاقه، وأخرى لها علاقة بما يحدث في غزة، وسط سعي متواصل لشيطنته كما حدث مع مارين لوبان، قبل أن يخف الهجوم عليها بعض الشيء نتيجة الحاجة إلى أصوات نواب حزبها لضمان بقاء حكومة فرانسوا بايرو، بعدما الإطاحة بحكومة ميشال بارنييه بالتعاون مع تحالف اليسار، في مفارقة لافتة لأن بينهما ما صنع الحداد.
ما سبق يؤكد على تجذر أقصى اليمين في المشهد السياسي الفرنسي، ولا يُستبعد أن يزداد حضوره قوة بفعل تبنيه خطاباً قريباً من هموم الحياة اليومية لشريحة كبيرة من الفرنسيين، ما يطرح إشكالية كبيرة تتعلق بمستقبل النظام السياسي نفسه، وبالمسارات التي قد تجد فرنسا نفسها مدفوعة إليها داخلياً وخارجياً إذا ما وصل حزب لوبان إلى أعلى منصب في الجمهورية.