قصة الأم السورية التي هزت العالم بصلابتها وشموخها
مسنة سورية من إحدى قرى جبال الساحل السوري، وصل القتلة إلى منزلها وقتلوا ابنيها المدنيين، وتركوهما أمام منزلها، وراحوا يصورون فعلتهم ويتباهون بها، ولكنها ظلت صامدة في وجههم وتقارع إجرامهم.
-
قصة الأم السورية التي هزت العالم بصلابتها وشموخها
في فيديو صادم التقطه القتلة أنفسهم، تظهر السيدة السورية زرقة سباهية (86 عاماً) واقفةً بجانب جثامين ولديها كنان وسهيل وحفيدها محمد، بينما يوجه أحد المسلحين كلاماً ساخراً لها: "هذول ولادك.. نحن عطيناكم الأمن بس أنتم غدارين"، لتصرخ في وجهه بصلابة : "فشرت" في مشهد يجسد مأساة إنسانية تخلط الألم بالشجاعة.
4 أيام تحرس الجثث.. خشية أن تحرقهم الأيدي الآثمة
بحسب رواية ابنة زرقة للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وقعت الجريمة في 7 آذار/مارس، حين اقتحمت مجموعات أمنية بينها عناصر مكشوفة الوجه وأخرى ملثمة، يرتدون زياً عسكرياً منزل العائلة في قرية قبو العوامية بريف اللاذقية (القرداحة)، وقاموا بتفجير أقفال المنزل بالقنابل، قبل أن ينهبوا محتوياته ويجبروا الشباب الثلاثة على الخروج. الابنة تروي: "سألهم المسلحون: أنتم علوية أم سنية؟ لا تهمهم الاجابة: بكل الأحوال سوف تقتلون، قالوها ثم أطلقوا النار عليهم، رغم تأكيدهم أن الشبان مدنيون، ويُدرّس اثنان منهم اللغة الإنكليزية في الجامعة".
In the horrific genocide of the Alawites in Syria, terrorist groups happily told this mother that they had killed her sons in revenge for the Sunnis. pic.twitter.com/1xjCUxORhi
— عصام حسين (@IssamHussein19) March 12, 2025
رفض القتلة حتى منح الأم كرامة الدفن، فبقيت الجثث ملقاة خلف المنزل لمدة 4 أيام، تحت حراسة زرقة نفسها التي لم تغادر المكان، رغم كل التهديد والتنكيل، وذلك خوفاً من أن تحرق القوات الأمنية الجثامين فتفقد آخر الآمال بدفنهم كشهداء. تقول الابنة: "كانت تناوب على حراستهم ليلاً ونهاراً".
"بدنا إياكم تتعذبوا أكثر".. سادية القتل والاستهزاء
لم تكتف المجموعات المسلحة (إحداها ترتدي زي الأمن العام) بالقتل، بل عادت لاحقاً لتسخر من أحزان العائلة. تضيف الابنة: "كانوا يترددون على المنزل ليرووا النكت ويستولوا على ما تبقى من ممتلكاتنا"، مشيرة إلى أن بعض الجناة ما زالوا يقيمون في منزل مقابل لهم، بعد أن سُلب من أصحابه الذين فروا من مصير مشابه.
الأقسى كان رفض المسلحين تحقيق رغبة زرقة الوحيدة: الموت مع أبنائها. تقول الابنة: "طلبت منهم أن يقتلوها، فردوا: بدنا إياكم تتعذبوا أكثر".
"القتلة على مرمى البصر".. نطالب بالعدالة الفورية
تكشف الابنة تفصيلاً مُفجعاً آخر: الجناة ما زالوا يقيمون في المنزل المقابل لنا.. ترى أمي وجوههم كل يوم، في إشارة إلى استمرار وجود العناصر المسلحة التي نفذت المجزرة وتقف وراء نهب الممتلكات. وتؤكد: "نطالب الجهات المختصة بالتوجه فوراً لاعتقالهم ومحاسبتهم علناً أمام العالم.. لا يمكن أن يفلتوا من العقاب بعدما سلبوا حياتنا مرتين".
هذا المطلب يأتي في سياق تصاعد المطالبات بمحاكمات علنية لتجريم مرتكبي المجازر وجرائم الحرب في سوريا، خاصةً مع تزايد الأدلة التي توثق تورط عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية في المجازر الجماعية التي مازالت مستمرة في مناطق متفرقة بالساحل السوري، حيث وثق المرصد السوري لحقوق الانسان اليوم 13 آذار/مارس، 3 مجازر راح ضحيتها 158 مدنياً من أبناء الطائفة العلوية.
تطورت الحياة كثيراً في العلم والتكنولوجيا لكن للأسف بقية الانسان متوحش مشهد هذه المراة الطاعنةبالسن وهي تشاهد جثث اولادها وتسمع كلام الشماتة والتنگيل من قبل هولاء الوحوش الاوباش يهز كيان اي انسان يمتلك ذرة من الضمير #الساحل_السوري #فشرت #أحمد_الشرع #الابادة_الجماعية pic.twitter.com/37kXJIX8Yx
— حسن علي (@HAlmntzr) March 12, 2025
نداء استغاثة: أخرجونا أو احمونا.. لم يعد هناك ثقة
وجهت ابنة زرقة نداءً عاجلاً للمجتمع الدولي وكل الجهات المعنية بحقوق الانسان: "نطالب بتوفير الحماية للقرية أو إخراج عائلتنا بأي طريقة.. لم يعد هناك ثقة بأحد". كما كشفت عن كارثة إنسانية مضاعفة، إذ نهبت المحال التجارية والصيدليات من قبل العناصر الأمنية، مما حول الحياة إلى جحيم: "لا أدوية ولا غذاء.. ماء شحيح.. والتيار الكهربائي". قالت إن القرية باتت منطقة منكوبة حالها حال القرى التي شهدت أعمال عنف وقتل جماعي في الساحل السوري.
قصة زرقة سباهية ليست مجرد رقم في سجل الحرب السورية، بل تذكير بأن الوحشية لا تقتل الجسد فقط، بل تحاول سرقة الكرامة الإنسانية ذاتها.. لكن صرخة "فشرت" ستظل شاهدةً على أن بعض الأصوات لا تُخمد.