كيف استغلت "إسرائيل" الذكاء الاصطناعي التوليدي في حربها على غزة ولبنان؟

يُستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجالات متعددة، مثل الإعلام، الطب، الأمن السيبراني، والصناعة، مما يجعله محركاً رئيسياً للتحول الرقمي في العصر الحديث.

  • استخدام
    استخدام "إسرائيل" للذكاء الاصطناعي التوليدي في الحرب على غزة ولبنان

مع تطور التكنولوجيا العسكرية، أصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) أداة رئيسة في الحروب الحديثة، بحيث يمكن استخدامه لتعزيز القدرات الاستخبارية، والتخطيط العسكري، والحرب الإلكترونية، وإدارة المعلومات. خلال الحرب الأخيرة على لبنان وغزة، استخدم الاحتلال الإسرائيلي عدة تقنيات قائمة على الذكاء الاصطناعي لتعزيز تفوقه العسكري وتحقيق أهدافه الاستراتيجية.

الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) هو أحد الفروع المتقدمة للذكاء الاصطناعي، يتميز بقدرته على إنشاء محتوى جديد يشابه المحتوى الذي ينتجه البشر، مثل النصوص، الصور، الصوت، والفيديو. يعتمد هذا النوع من الذكاء الاصطناعي على نماذج تعلم عميق متطورة، مثل الشبكات التوليدية التنافسية (GANs)، والمحولات (Transformers) مثل GPT، التي تمكنه من التعلم من البيانات الضخمة وإنتاج مخرجات إبداعية ودقيقة.

يُستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجالات متعددة، مثل الإعلام، الطب، الأمن السيبراني والصناعة، الأمر الذي يجعله محركاً رئيساً للتحول الرقمي في العصر الحديث. ومن أكثر المجالات، التي يتم فيها استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، المجالان العسكري والأمني، وتكون استخداماته في النقاط التالية، عبر عرض التجرية الإسرائيلية في استخدام الذكاء الاصطناعي في حربه على غزة ولبنان:

1- جمع المعلومات الاستخبارية وتحليلها

أ. تحليل البيانات الضخمة من الأقمار الاصطناعية والطائرات المسيرة

استخدم الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على غزة ولبنان، بدءاً من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أنظمة التعرف التلقائي إلى الأهداف (ATR)، والتي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور الجوية واكتشاف مواقع الأنفاق، ومراكز القيادة، ومنصات إطلاق الصواريخ.

ويتم الاعتماد على الذكاء الاصطناعي التوليدي في محاكاة البيئات الحضرية وتحليلها، الأمر الذي يمكّنه من فهم التضاريس الجغرافية لغزة وجنوبي لبنان بدقة، وتحديد نقاط الضعف والاستهداف الأمثل.

ب. تحليل الاتصالات والإشارات الإلكترونية (SIGINT)

استخدم الاحتلال أدوات ذكاء اصطناعي من أجل تحليل تسجيلات الاتصالات والتقاط أنماط المحادثات بين الفصائل المقاومة.

وقام بتطبيق نماذج معالجة اللغة الطبيعية (NLP) عبر رسائل المقاومة لرصد الاتصالات وفك شيفرات التشفير المحتملة.

اقرأ أيضاً: التحليق المطوّل للمسيّرات الإسرائيلية.. ودوره في الاغتيالات

2- الحرب الإلكترونية والتضليل الإعلامي

أ. إنتاج محتوى مزيف للتأثير النفسي

نشر معلومات مضلّلة ومحتوى زائف باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل إنتاج فيديوهات أو تسجيلات صوتية مفبركة، تهدف إلى نشر الإشاعات وبث الفوضى في صفوف المقاومة والمدنيين في بيئة المقاومة.

استخدام نماذج Deepfake لتزييف خطابات المقاومين أو القادة الفلسطينيين واللبنانيين، بغرض التشكيك في قراراتهم أو تضليل الجمهور.

ب. التلاعب بمحتوى وسائل التواصل الاجتماعي

الاعتماد على روبوتات الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء حسابات مزيفة تنشر دعاية مؤيدة لـ "إسرائيل" وتهاجم الصفحات الفلسطينية واللبنانية.

استغلال خوارزميات تحليل المشاعر (Sentiment Analysis) لاستهداف المستخدمين الذين يعبّرون عن تأييدهم للمقاومة، من خلال حملات تضليلية ورسائل تحريضية.

3- التخطيط العسكري وتوجيه الهجمات

أ. استخدام أنظمة هجومية ذكية في الضربات الجوية

نشر الذكاء الاصطناعي في الطائرات المسيرة لتحديد الأهداف وضربها بدقة عالية.

تفعيل أنظمة القتل التلقائي (Autonomous Weapon Systems)، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لاتخاذ قرارات القصف من دون تدخل بشري.

ب. الحرب السيبرانية ضد البنية التحتية للمقاومة

تنفيذ هجمات سيبرانية على أنظمة الاتصالات والكهرباء في غزة ولبنان، الأمر الذي يؤثر في قدرة المقاومة على التنسيق وتنفيذ العمليات.

استهداف الخوادم التي تحتوي على بيانات أمنية حساسة لمحاولة كشف مواقع القادة العسكريين، أو أماكن تخزين الأسلحة.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي في أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية والتحديات التي تفرضها المقاومة

4- التنبؤ بحركات المقاومة وتطوير تكتيكات المواجهة

تحليل الأنماط السابقة للهجمات الصاروخية للمقاومة عبر استخدام الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يساعد على تحسين أنظمة اعتراض الصواريخ، مثل القبة الحديدية.

بناء نماذج محاكاة للصراع تعتمد على البيانات التاريخية لتوقع استراتيجيات المقاومة والتكيف معها بصورة أسرع.

الخاتمة

يعكس استخدام الاحتلال الإسرائيلي للذكاء الاصطناعي التوليدي في الحرب على غزة ولبنان مدى التطور التكنولوجي الذي دخل الصراعات العسكرية الحديثة، من تحليل البيانات الضخمة، وجمع المعلومات الاستخبارية، وتنفيذ الحرب السيبرانية، والتضليل الإعلامي، فأصبح الذكاء الاصطناعي أداة حاسمة في تعزيز القوة العسكرية الإسرائيلية.

ومع ذلك، فإن المقاومة قادرة على تطوير استراتيجيات مضادة لمواجهة هذا التحدي، مثل تحسين تقنيات التشفير، وتعزيز الوعي الإعلامي، واعتماد أساليب غير نمطية في المواجهة الميدانية.

اقرأ أيضاً: عودة الجنوبيين إلى أرضهم.. درس في الصمود يتجاوز توقعات الذكاء الاصطناعي

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.