آخر قلاع الصمود.. مستشفيات شمال قطاع غزة لا ترفع الرايات البيضاء
يواصل الاحتلال منذ تشرين أول/أكتوبر الماضي استهداف المستشفيات الثلاث كمال عدوان والعودة والإندونيسي، والتي تعتبر العصب الأساسي لشمال قطاع غزة، مطالبًا الطواقم الطبية بالتخلي عن شرف المهنة وتجاهل واجبهم الإنساني.
هي القلاع الأخيرة لصمود الفلسطينيين ورفضهم الاستسلام للاحتلال الإسرائيلي وجرائمه المتواصلة على قطاع غزة منذ أكثر من 14 شهرًا، فمستشفيات الشمال ترفض رفع الراية البيضاء بالرغم من أنها راية أطبائها وطواقمها الطبية المعروفة دوليًا.
فالراية البيضاء التي يطالب بها الاحتلال تهدف لقتل الحياة وجعل شمال القطاع غير صالح لعودة السكان، في حين رايتهم البيضاء هي لإعادة الحياة وإنقاذ الجرحى والمرضى وتقديم الخدمات الإنسانية، وهو ما تقوم به مستشفيات الإندونيسي والعودة وكمال عدوان.
ويواصل الاحتلال منذ تشرين أول/أكتوبر الماضي استهداف المستشفيات الثلاث ويركز بشكل أساسي على مستشفى كمال عدوان، والتي تعتبر العصب الأساسي للشمال، مطالبًا الطواقم الطبية بالتخلي عن شرف المهنة وتجاهل واجبهم الإنساني والنزوح نحو وسط وجنوب القطاع.
مساعي الاحتلال المصحوبة بمختلف وسائل القتال والدمار، لا تلقى آذانًا صاغية من الطواقم الطبية، بالرغم من فقدانهم لزملاء لهم ولأفراد من عائلاتهم، وبالرغم من شح الإمكانيات والمعدات الطبية، وعدم توفر الطعام والماء.
وفيما أجبر جنود الاحتلال المصابين والمرضى والطواقم الطبية في مستشفى الإندونيسي على إخلائه تحت قوة السلاح بعد فترة طويلة من الحصار والقتل والتجويع، يواصل عدوانه على مستشفيات العودة وكمال عدوان، مستخدمًا وسائل وأساليب محرمة دوليًا أبرزها الطائرات المسيرة والروبوتات المفخخة.
حصار مشدد
ويفيد مدير مستشفى كمال عدوان، حسام أبو صفية، بأن "الاحتلال يفرض حصارًا مشددًا على محيط المستشفى ويمنع الدخول والخروج منها"، مبينًا أن الاحتلال يركز على استهداف قسمي الطوارئ والعناية الفائقة، والمولدات الكهربائية.
ويوضح أبو صفية، للميادين نت، أنّ "الاحتلال يمنع دخول المعدات الطبية والطعام والماء للمستشفى، ما يعني إصداره حكمًا بإعدام جميع الموجودين فيه"، مؤكدًا أنّ الجميع يرفض الامتثال لضغوط الاحتلال من أجل الإخلاء والنزوح نحو وسط وجنوب القطاع.
ويضيف: "الاحتلال يحاصر المستشفى بالروبوتات والصناديق المتفجرة، وطائراته المسيّرة تطالبنا على مدار الساعة بالإخلاء والنزوح"، لافتًا إلى أن تفجيرات الاحتلال دمرت مباني رئيسية بالمستشفى وتسببت بأضرار كبيرة للغاية.
ويلفت إلى أن "الاحتلال يزيد من جرائمه ضد الطواقم الطبية والمصابين والمرضى، وبالرغم من اقتحامه للمستشفى مرات عدة وتفتيشه لها؛ إلا أنه يواصل حصارها ويرفض استمرار عملها في إنقاذ سكان الشمال، وذلك لإدراكه أن سقوطها واستسلام طواقمها الطبية يعني استسلام للشمال بأكمله ونزوح الآلاف منه.
وبين أن "المستشفى تتضمن في الوقت الحالي 65 حالة، وذلك بعد إصرار إدارتها لإخلاء عددًا من الحالات شديدة الخطورة، كما أن هناك بعض الحالات الخطيرة والتي قد تفقد حياتها في أي لحظة بسبب ممارسات الاحتلال وعدوانه".
وبالرغم من المناشدات المتواصلة للمجتمع الدولي والمطالبات بتحييد المستشفيات والمراكز الطبية منذ بداية الحرب؛ إلا أن الاحتلال يصر على استهدافها باعتبارها نقاط رئيسية لصمود الفلسطينيين ورفضهم لأوامر الاحتلال التعسفية، وفق أبو صفية.
استهداف الطواقم الطبية
وفي مستشفى العودة الصحي، يؤكد الطبيب حسام المدهون، أن "جيش الاحتلال يواصل استهدافه للطواقم الطبية، ويمنع الأطباء والممرضين من أداء مهامهم الإنسانية"، مبينًا أن الحال في المستشفى لا يختلف عما يحدث بمستشفى كمال عدوان.
ويفيد المدهون، لـلميادين نت، بأن "المستشفى يتعرض على مدار الساعة لعدوان غاشم، وأن طائرات الاحتلال المسيرة استهدفت بشكل مباشر الطواقم الطبية، حيث كان آخرهم طبيب العظام الوحيد بشمال القطاع سعيد جودة".
ويشير إلى أن "مستشفى العودة تُقدّم الخدمة بالحد الأدنى في ظل منع الاحتلال إدخال المساعدات الطبية، وتضغط على الموجودين فيها للنزوح إلى وسط وجنوب القطاع"، متابعًا: "خروج مستشفيات الشمال عن العمل يعني نزوح جميع السكان وهذا يمثل هدف استراتيجي بالنسبة للاحتلال".
"الاحتلال يدمر كل شيء ويستخدم وسائل وأساليب غير إنسانية ومحرمة دوليًا للسيطرة على شمال القطاع وتدمير المنظومة الصحية، ويبدو أن ذلك في إطار مخطط خطير هدفه السيطرة الأمنية والعسكرية على مناطق الشمال"، بحسب المدهون.
وختم قائلاً: "يُمنع دخول الطعام والماء إلينا ونستخدم مياه غير صالحة للشرب وبعض المعلبات التي خزنت منذ فترة طويلة"، مشيرًا إلى أن المرضى والمصابين يعانون تراجعًا في حالاتهم الصحية، ويواجهون خطر الموت في أيّ لحظة.
وفي الخامس من أكتوبر/تشرين أول الماضي، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانًا جديدًا استهدف مدن وبلدات شمال القطاع، وركز بشكل أساسي على المؤسسات الطبية والخدماتية، ما أدى لاستشهاد نحو 5 آلاف فلسطيني وإصابة أعداد كبيرة.
وبالرغم من العملية العسكرية للاحتلال، إلا أن مئات الآلاف من العائلات تُصرّ على البقاء في شمال قطاع غزة، خاصة مع رفض القائمين على المنظومة الطبية النزوح وإخراج المستشفيات والمراكز الصحية عن العمل.