"لا لاستباحة سمائنا".. العراقيون يرفضون استغلال بلدهم للهجوم على إيران
لا يبحث العراقيون عن الدخول في حرب جديدة تكلّف وطنهم الكثير، لكنهم بالمقابل لا يريدون أن يكون العراق ساحة حرب لأحد، أو أن يكون منطلقاً للاعتداء على إيران، الدولة الجارة التي قدّمت لهم الكثير.
-
"لا لاستباحة سمائنا".. العراقيون يرفضون استغلال بلدهم للهجوم على إيران
عند "الجسر المعلق" وعلى بعد أمتار قليلة من مقر السفارة الأميركية في العاصمة العراقية بغداد، تجمّع المئات من العراقيين الرافضين لانتهاك سيادة بلادهم، من قِبل الطائرات الحربية الإسرائيلية التي تستهدف الأراضي الإيرانية، بدعم وتسهيل مباشر من الولايات المتحدة؛ فلم يجد هؤلاء الشبّان بدّاً من التظاهر للتعبير عن غضبهم ورفضهم للتصرفات الأميركية، إضافة إلى إعلان دعمهم المطلق لإيران في مواجهة العدوان الإسرائيلي المستمر.
المتظاهرون الذي حملوا لافتات تندد بالعدوان الإسرائيلي على إيران، ردّدوا شعارات تطالب بإنهاء الوجود العسكري الأميركي في بلدهم، لأنهم يعتبرون أن القواعد الأميركية هي شريك أساسي في انتهاك السيادة العراقية، وأن السفارة هي مركز عمليات عسكرية وأمنية تستهدف العراقيين ودول الجوار على حدٍ سواء.
"وكر العمليات"؛ هكذا وصف ميثم الجبوري دور السفارة الأميركية بما يجري في المنطقة، ولذلك طالب حكومة بلاده بإغلاقها لما تشكّله من خطر على العراقيين وعلى دول الجوار، واتهم الولايات المتحدة بالسماح للطائرات الإسرائيلية بعبور الأجواء العراقية لتنفيذ ضرباتها على إيران.
يقول الجبوري للميادين نت: "ما تقوم به إسرائيل في إيران هو عدوان إرهابي متكامل الأركان، ونحن لا نريد أن نكون شركاء في هذه الجريمة، ولو كانت السماء العراقية محرّمة على الإسرائيليين لما استطاعوا تنفيذ هجماتهم مروراً بالأجواء العراقية بكل سلاسة".
وتابع الجبوري: "منذ سنوات تقول الولايات المتحدة إنها ستنهي وجودها العسكري في العراق، لكن ذلك لم يحدث إلى الآن، إذ لا تزال القواعد موجودة، والعمليات السريّة قائمة، والسفارة التي تنشر سمومها في العراق تقوم بذلك أمام أعين الجميع، لذلك فإن الحلّ الوحيد لكل ما يجري هو إغلاق السفارة وإنهاء الوجود الأميركي نهائياً".
لم تكن هذه التظاهرة هي الوحيدة التي شهدتها بغداد منذ بدء العدوان الإسرائيلي على إيران، حيث تشهد منطقة "الجسر المعلّق" تظاهرات يومية دعماً للقوات المسلحة الإيرانية وتنديداً بانتهاك السيادة العراقية، كما شهدت بعض المناطق العراقية الأخرى مثل النجف والبصرة وقفات احتجاجية للأسباب ذاتها.
الغضب يتصاعد
أمام استمرار الانتهاكات اليومية من المقاتلات الإسرائيلية للأجواء العراقية، خرجت دعوات شعبية تطالب الحكومة باتخاذ موقفٍ صارم بهدف وضع حدٍ للممارسات الإسرائيلية، والضغط على الولايات المتحدة لعدم استباحة الأجواء العراقية.
ولم تقتصر حالة التنديد الشعبي على التظاهرات والوقفات الاحتجاجية، بل انتقل الغضب إلى منصات التواصل الاجتماعي التي ضجّت بتفاعل الناشطين مع الأحداث المستمرة في المنطقة، وبينما عبّر ناشطون عن تنديدهم بالهجمات الإسرائيلية، تفاعل آخرون مع الرد الإيراني وقدرة الجمهورية الإسلامية على استهداف عمق الأراضي المحتلة وتحقيق إصابات نوعية لم يشهدها الكيان منذ تأسيسه، معتبرين أن الطريقة الوحيدة للجم الإرهاب الإسرائيلي هي إيلامه من الداخل كما تفعل الصواريخ الإيرانية حالياً.
وفي هذا السياق، أكّد الناشط محمد المدكور للميادين نت أنّ ما فعله الكيان الإسرائيلي منذ طوفان الأقصى وحتى اليوم "يعبّر عن الإرهاب الإسرائيلي المتجذر باستهداف المدنيين من النساء والأطفال بدعم وتواطؤ من المجتمع الدولي الذي لا يحرّك ساكناً أمام جميع تلك الممارسات، بل هو على العكس تماماً يقدّم التبريرات للمجازر التي يرتكبها نتنياهو وحكومته".
ويرى المدكور أن ما تفعله الصواريخ الإيرانية سيعيد حسابات كيان الاحتلال ويجبره على إنهاء غطرسته في المنطقة، معتبراً أن مشاهد الضربات المباشرة في "تل أبيب" وحيفا وباقي الأراضي المحتلة تثلج الصدور وتنشر الفرح في نفوس العراقيين والأحرار حول العالم.
ولا يستبعد الناشط العراقي أن تكون بلاده هي الهدف التالي لـ"إسرائيل" في المنطقة بعد فلسطين ولبنان سوريا وإيران، لذلك دعا إلى وقوف الدولة بكل ما تملكه من قوة إلى جانب إيران، معتبراً أنّ عدم توحّد دول المنطقة لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية سيجعلها أهدافاً سهلة للكيان.
حالة الغضب الشعبي المتصاعدة في عموم العراق، والتي وجّهت سهامها نحو الولايات المتحدة بالتحديد، دفعت السفارة الأميركية في العراق لإصدار بيانٍ تحذّر فيه من "تزايد احتمالات وقوع أعمال عنف أو هجمات على الشركات المملوكة للأميركيين والأماكن التي يرتادها أميركيون".
وحثت السفارة في بيانها جميع الأميركيين داخل العراق لتجنب الأماكن التي يرتادها الأجانب وأيّ تجمعات أو حشود كبيرة.
اليوم؛ لا يبحث العراقيون عن الدخول في حرب جديدة تكلّف وطنهم الكثير، لكنهم بالمقابل لا يريدون أن يكون العراق ساحة حرب لأحد، أو أن يكون منطلقاً للاعتداء على دولة جارة قدّمت لهم الكثير، كما أنهم يعلمون تماماً أن بلدهم لن يكون بمنأى عن الحرب المستمرة، إذا لم يتم وضع حدّ للسياسة الإسرائيلية التوسعية في المنطقة.