الذكاء الاصطناعي ينشىء فرقة موسيقية تحصد مليون استماع على "سبوتيفاي"
أكاديميون وعاملون في صناعة الموسيقى يحذّرون المستمعين من فرقة "ذا فيلفيت سانداون" الموسيقية، التي تبين لاحقاً أنّ الذكاء الاصطناعي أنشأها وحققت أكثر من مليون استماع "سبوتيفاي" في غضون أسابيع.
-
صورة مُولّدة بالذكاء الاصطناعي لفرقة "فيلفيت صن داون" وهي تعزف موسيقى مُولّدة بالذكاء الاصطناعي - رسم توضيحي (ذي غادريان)
ذاع صيت فرقة "ذا فيلفيت سانداون" الموسيقية بسرعة، وحققت أكثر من مليون استماع على موقع الخدمة الموسيقية "سبوتيفاي" Spotify في غضون أسابيع، ليتبيّن لاحقاً أنّ هذه الفرقة الموسيقية الجديدة لم تكن حقيقية، بل تمّ إنشاؤها بالكامل عبر استخدام الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الموسيقى، والصور الترويجية، وحتى القصة الخلفية للفرقة، وفق ما ذكرته صحيفة "ذي غارديان" البريطانية.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنّ هذا الأمر أثار جدلاً واسعاً حول مسألة الأصالة، حيث طالب بعض العاملين في صناعة الموسيقى بأن تُلزم مواقع البث، مثل "سبوتيفاي"، قانونياً بوضع علامات تميّز الموسيقى التي تنتجها كيانات تعتمد على الذكاء الاصطناعي، كي يتمكّن المستمعون من اتخاذ قرارات مستنيرة حول ما يسمعونه.
تقول "ذي غارديان": "في البداية، وصفت الفرقة نفسها بأنها "مشروع موسيقي اصطناعي موجّه بإبداع بشري"، نافيةً أنها من صنع الذكاء الاصطناعي. كما أصدرت في حزيران/يونيو ألبومين هما Floating On Echoes وDust And Silence، واللذان شبّههما البعض بموسيقى فرقة Crosby, Stills, Nash & Young ذات الطابع الريفي والفولك".
"لكن الأمور تعقدت لاحقاً"، وفق الصحيفة، "عندما صرّح شخص وصف نفسه بأنه عضو مساعد، بأنّ الفرقة استخدمت منصة الذكاء الاصطناعي Suno في إنشاء أغانيها"، وأنّ المشروع كان "خدعة فنية".
وفي المقابل أيضاً، أنكرت حسابات الفرقة الرسمية ذلك، وقالت إنّ هويتها "تتعرض للاختطاف". لكنها عادت وأكّدت في بيان رسمي أنّ الفرقة هي بالفعل من صنع الذكاء الاصطناعي، واصفةً نفسها بأنها "ليست بشرية بالكامل، وليست آلية بالكامل"، بل "تعيش في مكان ما بين الاثنين".
اقرأ أيضاً: بين العقل والحرب: إلى أين يقودنا الذكاء الاصطناعي؟
Meet Velvet Sundown: Spotify's AI Band Explore the rise and controversy of Velvet Sundown, the Spotify-verified band composed entirely by AI, raising questions on authenticity in music. https://t.co/VQ6hibZ9Bx
— Arani Chaudhuri (@AraniChaudhuri) July 14, 2025
أكادميون في الموسيقى قلقون للغاية حول الشفافية والملكية الفكرية
وأشارت "ذي غارديان" إلى أنّ عدداً من الشخصيات صرّحوا لها بأنّ "الوضع الحالي، الذي لا يُلزم فيه مواقع البث مثل سبوتيفاي بالإشارة إلى أنّ الموسيقى مولّدة بالذكاء الاصطناعي، يترك المستهلكين في جهل للمصدر الذي يسمعونه".
وقال روبيرتو نيري، المدير التنفيذي لأكاديمية Ivors إنّ "فرق مثل ذا فيلفيت سانداون، التي تصل إلى جماهير واسعة من دون إشراك مبدعين بشريين، تثير قلقاً حقيقياً حول الشفافية، والملكية الفكرية، والموافقة".
وأضاف نيري أنّ "الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز كتابة الأغاني إذا استُخدم بشكل أخلاقي"، لكنه أشار إلى أنّ "الأكاديمية تشعر في الوقت الحالي بالقلق" حيال ما وصفه بأنه "قضايا مقلقة للغاية" في استخدام الذكاء الاصطناعي بالموسيقى.
بدورها، أيّدت صوفي جونز، المديرة الاستراتيجية في الهيئة البريطانية لصناعة التسجيلات الصوتية (BPI)، الدعوات إلى "وضع علامات واضحة".
وقالت جونز: "نحن نؤمن بأنّ الذكاء الاصطناعي يجب أن يُستخدم لخدمة الإبداع البشري، لا أن يحل محله".
وأضافت: "لهذا السبب، ندعو الحكومة البريطانية لحماية حقوق النشر، وتطبيق التزامات جديدة بشأن الشفافية على شركات الذكاء الاصطناعي، حتى تُرخص الحقوق الموسيقية وتُنفذ، وأيضاً لضمان وسم المحتوى المولَّد بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي بشكل واضح".
ومن جانبها، قالت الصحفية والكاتبة ليز بيلي، مؤلفة Mood Machine: The Rise of Spotify and the Costs of the Perfect Playlist، إنّ "الفنانين المستقلين قد يكونون عرضةً للاستغلال من قبل القائمين على الفرق الموسيقية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، الذين قد يدربون نماذجهم باستخدام موسيقى هؤلاء الفنانين من دون إذنهم".
كما أشارت بيلي إلى حادثة وقعت عام 2023 عندما نُشرت أغنية عبر منصة (تيك توك) و"سبوتيفاي" و"يوتيوب" استخدمت أصواتاً مولّدة بالذكاء الاصطناعي تدّعي أنها للمغنيين The Weeknd وDrake. وقد وصفت شركة Universal Music Group الأغنية بأنها "محتوى ينتهك الحقوق وتمّ إنشاؤه باستخدام الذكاء الاصطناعي"، وسرعان ما تمت إزالتها.
هذا ولا يزال من غير الواضح نوع الموسيقى التي استُخدمت لتدريب ألبومات "ذا فيلفيت سانداون"، وهو ما دفع بعض النقّاد للتحذير من أنّ الفنانين المستقلين قد يخسرون تعويضات مستحقة مندون علمهم، وفق "ذي غارديان".
وقالت بيلي في هذا الإطار: "يجب أن نضمن أنّ حماية المصالح لا تقتصر على النجوم فقط، بل يجب أن يكون لكل فنان الحق في معرفة ما إذا تمّ استغلال أعماله بهذه الطريقة".
وبالنسبة للبعض، فإنّ ظهور فرقة مثل "ذا فيلفيت سانداون" يُعد خطوة منطقية في ظل تزاوج الموسيقى والذكاء الاصطناعي، بينما لا تزال التشريعات تحاول مواكبة هذا التغيير السريع، بحسب الصحيفة البريطانية.
فيما قالت جونز إنّ "صعود الفرق الموسيقية والأغاني المولّدة بالذكاء الاصطناعي، يشير إلى أنّ شركات التكنولوجيا تقوم بتدريب نماذجها باستخدام أعمال إبداعية – في الغالب من دون تصريح أو دفع مستحقات للمبدعين ومالكي الحقوق – بهدف التنافس المباشر مع الإبداع البشري".
وأوضح نيري أنّ "بريطانيا لديها فرصة لتكون رائدة عالمياً في تبني الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي في قطاع الموسيقى"، لكنه شدد على "ضرورة وجود أطر قانونية قوية تضمن الموافقة والتعويض العادل للمبدعين، ووضع علامات واضحة للمستمعين".
ورأى نيري أنه "من دون هذه الضمانات، يخاطر الذكاء الاصطناعي بتكرار أخطاء البث الموسيقي، حيث تحقق شركات التكنولوجيا أرباحاً بينما يُترك المبدعون وراء الركب".
أما أورليان هيرو، المدير التنفيذي للابتكار في منصة البث Deezer، فقد أوضح أنّ "المنصة تستخدم برمجيات للكشف عن المسارات التي تمّ إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي وتقوم بوضع علامات عليها".
وقال هيرو: "في الوقت الحالي، أعتقد أنّ المنصات يجب أن تكون شفافة وتحاول إبلاغ المستخدمين. خلال ما أسميه مرحلة تطبيع الذكاء الاصطناعي، يجب إعلام المستمعين ما إذا كان قد تمّ استخدام الذكاء الاصطناعي أم لا".
وأضاف أنه لا يستبعد إلغاء وسم هذه الأغاني مستقبلاً "إذا أصبحت الموسيقى المُنتجة بالذكاء الاصطناعي أكثر شيوعاً وبدأ الموسيقيون في استخدامها كأداة".
وكانت Deezer قد صرّحت لصحيفة "ذي غارديان" في وقت سابق بأنّ ما يصل إلى 70% من الاستماعات لأغاني مولّدة بالذكاء الاصطناعي على منصتها تعتبر "احتيالية".
أمّا منصة "سبوتيفاي"، فهي لا تضع حالياً علامات على الموسيقى التي يتم توليدها بواسطة الذكاء الاصطناعي، وقد تعرضت سابقاً لانتقادات بسبب إدراج موسيقى من فرق "وهمية" في قوائم التشغيل – وهي فرق مزيفة تُنتج موسيقى جاهزة.
وقال متحدث باسم "سبوتيفاي" إنّ "المنصة لا تعطي أولوية للموسيقى المنتَجة بالذكاء الاصطناعي"، مضيفاً: "كل الموسيقى على سبوتيفاي، بما في ذلك تلك المولَّدة بالذكاء الاصطناعي، يتم إنشاؤها وامتلاكها ورفعها من قِبل أطراف مرخّصة"، وفق ما صرّح.
Velvet Sundown is an AI-generated music project that has gained popularity on platforms like Spotify, where it describes itself as an "ongoing artistic provocation" exploring themes of authorship and identity in the age of AI. pic.twitter.com/HbynC228dX
— mo gabel (@mogabel) July 11, 2025