لبنان بين الاستقلال الاقتصادي والسيادة

عشية عيد الاستقلال، تتكاثر الشروط المفروضة على لبنان، وتزداد التحديات مع من لا يريد من الداخل إنجاح الاقتصاد، فيلتقي مع الخارج في زيادة الضغوط.

0:00
  • عشية عيد الاستقلال، تتكاثر الشروط المفروضة على لبنان.
    عشية عيد الاستقلال، تتكاثر الشروط المفروضة على لبنان.

أثبتت المسارات التاريخية أن لبنان يمتلك قدرة استثنائية على التعافي رغم عمق الأزمات وتعقيد التحديات، مستندًا إلى إرادة بشرية صلبة تتجاوز واقعاً سياسياً مأزوماً وحصاراً خارجياً مستمراً.

وقد أسهم هذا الحصار، في كثير من المراحل، في تعزيز منظومة الفساد الداخلي، حتى وصل الأمر ببعض المؤسسات الدولية إلى اعتبار أن تلاقي المصالح السياسية الداخلية والخارجية يشكّل حاجزاً حقيقياً أمام تنفيذ الإصلاحات ودفع عجلة الاقتصاد بعيداً من الشروط المسبقة.

وهكذا تَقدّم منطق الشروط قبل الإصلاحات، والسياسة قبل الاقتصاد، تمهيداً لبناء نمط جديد من "الدولة العميقة".

عند الحديث عن الدولة العميقة، فإن المصطلح لا يأتي بمعناه المجازي، بل بصفته توصيفاً لواقعٍ رسّخته التجربة اللبنانية، إذ إن الدولة أفشلت على مدى سنوات مشاريع أساسية، وحافظت على قبضتها على القطاع العام، كما أبقت القطاع الخاص في موقع التابع أو الملحق به.

أمّا اليوم، ومع التحولات المتسارعة في المنطقة، فقد بدأ التداول بمفهوم جديد للدولة العميقة، دولة تسعى للهيمنة على القطاعين العام والخاص معاً، ضمن إطار جغرافي داخلي قد يكون أضيق من مساحة الوطن، وربما يُختزل بحدود الطوائف أو الطائفة، أو وفق تصنيفات عنصرية وفئوية ومذهبية.

وقد بدا واضحاً منذ انطلاق العهد أن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، في خطاب القسم، أراد اقتصاداً جامِعاً وقوياً، صاحب هوية وطنية، يندمج فيه جميع اللبنانيين عبر التعاون المشترك. أما رؤيته الاقتصادية فارتكزت على الأمور الأساسية التالية:

1- قطاع عام سليم وتحت سلطة القانون اللبناني.

2- إعادة الإعمار لاستعادة الثقة والنمو.

3- تخفيف التوترات السياسية لإظهار صورة جديدة للبلاد.

4- إقرار الإصلاحات.

5- إعادة بناء نظام مصرفي سليم لاستعادة الثقة.

6- فتح باب الاستثمار وتقديم الحوافز للمغتربين الراغبين بالاستثمار.

7- التأكيد على الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد العامة.

8- الحدّ من الأزمات الحكومية التي تُؤخّر الإصلاحات.

9- العمل على وقف انهيار العملة بعد أن فقدت 90% من قيمتها.

10- اعتبار تأهيل البنى التحتية من صحة وكهرباء ومياه ونقل واتصالات أولوية.

11-إعطاء الإنتاج المحلي في الزراعة والصناعة أولوية لتكبير حجم الاقتصاد.

12- العمل على حلّ مشكلة النزوح وتأثيراتها الاقتصادية السلبية على البنى التحتية.

13- إقرار قانون استقلالية القضاء.

14- إعداد رؤية اقتصادية للبنان 2030.

15- إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

16- مواجهة معدلات التضخّم.

17- العمل على تصحيح الرواتب بشكل مدروس.

18- تفعيل الجباية في المالية العامة والكهرباء والمياه، وإعادة ترسيخ احترام مبدأ الدولة.

19- إعداد مخطط شامل للمرافئ من بيروت إلى طرابلس شمالاً وصور جنوباً.

20- التأكيد على أهمية دور لبنان في مصافي النفط ودوره في شرق المتوسط.

21- إعادة تعيين الهيئات الناظمة.

22- وضع خطة سياحية تجذب العالم ضمن استراتيجية تدعم المرافق وتشجع الاستثمار المحلي والأجنبي في القطاع، وتسهّل دخول السياح وتضمن الاستقرار الأمني والخدمات.

23- دعم الاقتصاد الرقمي والاهتمام بتنمية القدرات البشرية في هذا المجال.

24- مواكبة التحديات النقدية والعمل على أن يكون لبنان من أوائل الدول في مجال النقد الرقمي.

عشية عيد الاستقلال، تتكاثر الشروط المفروضة على لبنان، وتزداد التحديات مع من لا يريد من الداخل إنجاح الاقتصاد، فيلتقي مع الخارج في زيادة الضغوط.

ومع استمرار العدوان العسكري على لبنان وشعبه ومؤسساته ودولته وبناه التحتية، يبقى الاقتصاد رهينة السياسة، ويبقى العنوان الأساسي: السيادة الاقتصادية عملٌ وطني جماعي.

وعليه، يجب أن يكون الشعار: كلّنا للوطن 10452… كلّنا لسيادة اقتصادية وطنية جامعة.