الرجال يصابون بأمراض القلب مع تقدمهم في السن أكثر من النساء.. لماذا؟
مع التقدّم في العمر عند الرجال فإنّ خلايا الدم البيضاء تفتقد لكروموسوم معيّن يزيد من خطر انسداد الشرايين التاجية وارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب وقصر عمرهم مقارنةّ بالنساء، وفق دراسة شاملة.
-
لماذا صحة قلب الرجال في خطر مع تقدّمهم في السن؟
أظهرت دراسة واسعة حديثة شملت أكثر من 30 ألف شخص أنّ فقدان كروموسوم معيّن في خلايا الدم البيضاء لدى الرجال يزيد من خطر انسداد الشرايين التاجية، ما يفسّر جانباً من ارتفاع معدلات أمراض القلب، وقصر عمر الرجال مقارنةّ بالنساء.
وتوضح الدراسة أنه مع التقدّم في العمر، تبدأ بعض خلايا الرجال بفقدان كروموسوم Y، وهو الكروموسوم المسؤول عن تحديد الجنس الذكري. هذا الفقدان يحدث غالباً في خلايا الدم البيضاء، التي تؤدّي دوراً أساسياً في الدفاع عن الجسم ضد العدوى.
Y chromosomes can vanish from men's cells, particularly as they get older, which may be a key driver of heart disease. https://t.co/nkuU87utXe
— New Scientist (@newscientist) August 24, 2025
ويشير العلماء إلى أنه أثناء إنتاج خلايا دم جديدة قد تحدث أخطاء صغيرة، ما يؤدي إلى زيادة فقدان الكروموسوم بمرور الوقت. وبحلول سن الـ70 عاماً، يعاني نحو 40% من الرجال من هذه المشكلة المرضية.
في عام 2014، أظهرت أبحاث مبكرة أنّ الرجال الذين يفقدون كروموسوم Y يعيشون في المتوسط أقل بخمس سنوات مقارنةً بغيرهم. واليوم، حيث تربط الدراسات الحديثة هذا الخلل بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب.
نتائج الدراسة الجديدة
اعتمد الباحثون في الدراسة الحديثة على بيانات مشروع الدراسة السويدية للتصوير القلبي الرئوي (SCAPIS)، الذي يُعدّ من أضخم الدراسات في مجال صحة القلب والأوعية. وشملت العيّنة أكثر من 30 ألف مشارك تتراوح أعمارهم بين 50 و64 عاماً.
وكشفت النتائج أنّ الرجال الذين فقدوا كروموسوم Y في نسبة كبيرة من خلاياهم أظهروا معدلات أعلى من:
- تضيّق الشرايين التاجية.
- زيادة عدد المقاطع المصابة من الأوعية.
- ارتفاع مستويات التكلّس في جدران الشرايين.
اقرأ أيضاً: علماء يبتكرون طريقة جديدة لتجنّب مضاعفات ما بعد النوبة القلبية
ومن اللافت أنّ هذا التأثير لم يظهر بالقوة نفسها في الشرايين السباتية بالرقبة، ما يشير إلى اختلاف في طبيعة المرض بين الشرايين التاجية والسباتية. فبينما تتأثّر شرايين القلب بتراكم الدهون والكوليسترول والالتهابات، غالباً ما يرتبط مرض الشرايين السباتية بضغط الدم المرتفع وتدفّقه المستمر.
كيف يؤثّر فقدان كروموسوم Y على الخلايا؟
أظهرت الأبحاث أنّ فقدان كروموسوم Y يؤدّي إلى اضطرابات في تنظيم الجينات وضعف وظائف الخلايا المناعية. وفي التجارب على الحيوانات، تسبّب فقدان Y في تليّف أنسجة القلب والرئة عبر نشاط مفرط لمسار إشارات (TGF-β). وعندما جرى تعطيل هذا المسار، تراجعت الأضرار، مما يثبت وجود علاقة مباشرة.
أما لدى البشر، فقد تبيّن أنّ الرجال الذين يعانون من فقدان Y أكثر عرضة للإصابة بأنماط مرضية مرتبطة بالتليّف وأمراض القلب والرئة.
In a study involving over 30,000 people, scientists found that men who had lost the Y chromosome in a large proportion of their immune cells were more likely to have narrowed blood vessels, a key factor in developing cardiovascular disease. pic.twitter.com/epCvrfYcrI
— Science Acumen (@ScienceAcumen) August 18, 2025
تأثير هرمون التستوستيرون على صحة الرجال
نحو اختبارات وقائية جديدة
يؤكّد العلماء أنّ فقدان كروموسوم Y ليس مجرد علامة على الشيخوخة، بل عامل خطر مستقل يزيد من احتمالات أمراض القلب حتى بعد استبعاد عوامل معروفة مثل التدخين أو السمنة أو السكري أو ارتفاع الكوليسترول.
يقترح الباحثون تطوير اختبار دم بسيط للكشف المبكر عن الرجال الأكثر عرضة لمرض القلب. هذا الفحص قد يسمح للأطباء بتحديد الفئات عالية المخاطر ووضع خطط متابعة دقيقة، تشمل مراقبة طبية منتظمة، علاجات موجّهة، وتوصيات بنمط حياة صحي.
يقول الباحث ثيموتيوس سبير: "قد يساعد الاختبار في التعرّف إلى المرضى الذين يمكن أن يستفيدوا بشكل خاص من تدخّلات وقائية أو علاجية".
تقدّم هذه الدراسة دليلاً قوياً على أنّ فقدان كروموسوم Y يسهم في ارتفاع معدلات أمراض القلب بين الرجال، ويفتح الباب أمام استراتيجيات جديدة للوقاية والعلاج. ومع تعمّق الفهم العلمي لهذه الظاهرة، قد يصبح الكشف عن فقدان Y جزءاً أساسياً من الرعاية القلبية للرجال في المستقبل.