سلامة من جنوب لبنان: "إسرائيل" ارتكبت "جريمة حرب" بحقّ الآثار
شكّلت مدينة صور الساحلية اللبنانية بمرافقها السياحية والأثرية والبيئية، وقلعة "شمع" التي شهدت مواجهات عنيفة مع "جيش" الاحتلال، محطة أساسية في زيارة وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة الأولى إلى جنوب لبنان.. فماذا قال؟
-
سلامة يجول في قلعة "شمع" التاريخية (الصورة: أجمد منتش)
حرص وزير الثقافة اللبناني الدكتور غسان سلامة على زيارة معالم أثرية وتاريخية استهدفها العدوان الإسرائيلي في الجنوب اللبناني، فعاين عدداً من المواقع الأثرية في صور التي تعرّضت للاعتداءات الإسرائيلية، ولا سيما قلعة شمع الأثرية ومقام "شمعون الصفا" في البلدة، كما تفقد الأسواق التاريخية وميناء الصيادين والحارات القديمة.
فمدينة صور الساحلية اللبنانية عرفت التدمير والقصف، وكانت بمدينتها وبلدات وقرى القضاء التابع لها عرضةً للعدوان اليومي السافر، حتى إن غضب المحتل طال محميتها الطبيعية وآثارها التاريخية وقلعتها العريقة.
اقرأ أيضاً: "الميادين نت" يواكب إزالة ركام العدوان من بحر صور
أمّا قلعة "شمع" فقد شهدت مواجهات مع المقاومة خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، ودمّرت طائرات الاحتلال أجزاء منها، فيما أمعنت بعد وقف إطلاق النار في عمليات التفجير الممنهجة والمقصودة في محوّ معالمها، والموقع الأثري والمزار الديني فيها الذي يتضمّن ضريح "شمعون الصفا".
موقع القلعة الجغرافي المميز، لعب دوراً عسكرياً وسياسيَّا بارزاً عبر التاريخ. فقد استخدمها المماليك أيضاً كحصن لمراقبة الغزاة وحماية الطرق البرية والبحرية المؤدية إلى فلسطين.
وعلى بعد 17 كم من ساحل صور، تفقّد سلامة قلعة "شمع" التاريخية التي استهدفها الاحتلال، ودمّر فيها مقام "شمعون الصفا".
و استمع ملياً لكل تفصيل، بحضور النائبين عناية عز الدين وعلي خريس المدير العام للآثار سركيس الخوري، وأنصت إلى شرحٍ وافر من مدير المواقع الأثرية في الجنوب الدكتور علي بدوي عن تاريخ القلعة والأضرار التي لحقت بها من جرّاء الغارات العنيفة.
#قلعة_شمع الأثرية: عين الصليببين #الميادين http://t.co/hlBN98GP2y pic.twitter.com/41Sp8DH2wy
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) May 6, 2015
سلامة: "إسرائيل" كانت تسعى لنهب القلعة
ومن على حجارة القلعة المتناثرة بسبب العدوان، وعلى النقاط التي جعلت منها استراتيجية عبر التاريخ، جال الوزير الذي يعدّ أول مسؤول رسمي يزورها، مؤكداً أن "إسرائيل" كانت تسعى لنهب هذه القلعة وغيرها".
وأضاف سلامة بعد تأمل مسهب لجدران وقبب القلعة المعقودة التي تعود إلى القرن الـ 12 الميلادي: "إسرائيل" كانت تسعى لنهب هذه القلعة وغيرها من المواقع. وكما علمت، فإن 10 مواقع دمّرتها "إسرائيل" وهذا الأمر يُعدّ جريمة حرب وسنعمل على زيارة لجنة اليونيسكو للاطلاع على الأضرار والشروع في إعادة الإعمار".
كما تحدّث خريس، معتبراً "أن هذه الزيارة لقلعة شمع والقرى الجنوبية المدمرة موقف نثمّنه لأنه يصبّ في خانة مواجهة العدوان".
-
وزير الثقافة اللبناني من قلعة "شمع"
وكان حزب الله، قد أعلن في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم، تنفيذ كمين، إبّان العدوان الإسرائيلي على لبنان، في بلدة شمع جنوبي لبنان. وأدّى الكمين في وقتها، إلى إصابة رئيس أركان لواء "غولاني" في "جيش" الاحتلال، وإصابة قائد سرية في "الكتيبة 13" من اللواء نفسه بجروح خطيرة، إلى جانب مقتل عالم آثار، زئيف أرليخ، هرّبه قائد "غولاني" إلى جنوبي لبنان، وجندي آخر.
كتاب من المرتضى: العدوان تحدٍ سافر لقرار "اليونيسكو"
وسبق لوزير الثقافة السابق القاضي محمد وسام المرتضى أن قال خلال العدوان على لبنان إن "أعداء الإنسانية الذين ينفّسون عن فشلهم في الميدان باستهدافٍ حاقد وجبان للحجر والبشر، أقدموا اليوم على استهداف المعلم الأثري في بلدة شمع وعلى تهديد موقع صور البحري الأثري، علماً بأن الموقعين هما من المواقع المدرجة على لائحة الحماية المعززة وفق "اتفاقية لاهاي".
-
عالم الآثار زئيف جابو إيرليخ الذي قتل في معركة "قلعة شمع"
اقرأ أيضاً: ماذا جاء في الرسالة اللبنانية حول العدوان على المعالم الأثرية؟
وفي الأسبوع الأول من العدوان، وجّه المرتضى كتاباً إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو)، عرض لها فيه خطر الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان والهجمات التي قام بها الطيران الحربي الإسرائيلي على المناطق التراثية، وبالقرب من قلعة بعلبك شرق البلاد وطالبها بإجراء ما يلزم والتقدّم بالشكاوى أمام المراجع المختصّة.
استجابة أممية: حماية "مؤقتة ومعززة" للمعالم
وفي 19 تشرين الأول/ أكتوبر استجابت (اليونيسكو)، للمطالب اللبنانية، معلنةً أنها منحت عشرات المواقع التراثية المهددة بالغارات الإسرائيلية في لبنان "حماية مؤقتة معززة"، لتوفر لها مستوى أعلى من الحماية القانونية.
-
من العدوان على مدينة صور وآثارها وواجهتها البحرية (ا ب)
اقرأ أيضاً: "نيويورك تايمز": الغارات الإسرائيلية تهدد كنوز لبنان الأثرية
وجاء في بيان لـــ "اليونيسكو" أن: "المواقع وعددها 34 تستفيد الآن من أعلى مستوى من الحصانة ضد مهاجمتها واستخدامها لأغراض عسكرية"، لافتة إلى أن "عدم الامتثال لهذه البنود من شأنه أن يشكل انتهاكاً خطيراً لاتفاقية لاهاي لعام 1954 وأسباباً محتملة للملاحقة القضائية".
وإذا كان الاحتلال ممعناً في تدميره وضربه عرض الحائط للقرارات والاتفاقات، تأتي جولة سلامة في خضم سلسلة مطلوبة من "العناية المحلية المركّزة" التي يحتاجها الجنوب اللبناني والمناطق الأخرى، بعد زيارة رئيس الحكومة مع وفدٍ وزاري، واطلاع وزير الزراعة د. نزار هاني الميداني الحثيث المفصّل على الواقع الزراعي جنوباً..
-
الدمار داخل قلعة شمع
وعسى أن يفتح تضافر الجهود الرسمية والشعبية والحزبية والبلدية وغيرها، الكوّة المطلوبة في وجه ما حاولت آلة الدمار تلطيخه بسوادها المعهود على الدوام.