"نيويورك تايمز": واشنطن تتوقّف عن تقديم المساعدات الخارجية.. من سيملأ الفراغ؟
صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تشير إلى الفجوة، التي تركتها الولايات المتحدة، عبر تخليها عن مساعداتها الخارجية للدول النامية، والتي لا يمكن لأيّ دولة أن تسدها بسهولة.
-
تظاهرة في واشنطن مندّدة بقرار الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، تجميد المساعدات الخارجية (أ ف ب)
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، اليوم السبت، إنّ الصين قد تجني "ميّزة القوّة الناعمة". لكن حكومة بكين، مثل الحكومات الغربية، تعمل على خفض المساعدات، وتقول المؤسسات الخيرية إنّها "لا تستطيع أن تحل محل الولايات المتحدة".
ومع تزايد الواقع المتمثل بأنّ الولايات المتحدة تعمل على تقليص مساعداتها الخارجية للدول النامية، بصورة كبيرة، بدأت محادثة عاجلة بين الحكومات والمحسنين ومنظمات الصحة والتنمية العالمية.
من الذي سيسد الفراغ؟
في العام الماضي، ساهمت الولايات المتحدة بنحو 12 مليار دولار في الصحة العالمية، وهي الأموال التي موّلت علاج فيروس نقص المناعة البشرية، والوقاية من الإصابات الجديدة، ولقاحات الأطفال ضد شلل الأطفال والحصبة والالتهاب الرئوي، والمياه النظيفة للاجئين، والاختبارات والأدوية لعلاج الملاريا.
والممول الأكبر التالي هو مؤسسة "جيتس"، التي تصرف جزءاً ضئيلاً من هذا المبلغ": كان لقسم الصحة العالمية، التابع لها، ميزانية مقدارها 1.86 مليار دولار في عام 2023"، بحسب الصحيفة.
بدوره، قال الرئيس التنفيذي لمجلس البحوث الطبية في جنوب أفريقيا، نتوبيكو نتوسي، إنّ "الفجوة، التي سدّتها الولايات المتحدة، لا يمكن لأيّ شخص أن يسدها بسهولة".
وتمّ توجيه المساعدات الأميركية، من خلال الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، والتي فكّكتها إدارة ترامب الجديدة، إلى حدّ كبير، وغيرها من الوكالات الحكومية، بما في ذلك المعاهد الوطنية للصحة، والتي تُواجه أيضاً تخفيضات كبيرة في منح البحوث الصحية.
وقال نتوسي إنّ كثيرين من الناس يقترحون أن دولاً أخرى، وخصوصاً الصين، يمكن أن تنتقل إلى بعض المناطق التي أخلتها الولايات المتحدة. ويوجه آخرون نداءات عاجلة إلى المؤسسات الخيرية الكبرى، بما في ذلك مؤسسة "جيتس" ومؤسسة "أوبن فيلانثروبي".
ووفق الصحيفة، فإنّ المتضرر الأكبر هو أفريقيا، يحيث "ذهب نحو 85% من الإنفاق الأميركي على الصحة العالمية إلى برامج في البلدان الأفريقية، أو لمصلحتها".
وبالنسبة إلى دول مثل الصومال، شكّلت المساعدات الأميركية 25% من ميزانية الحكومة بأكملها. أما تنزانيا، حيث موّلت الولايات المتحدة أغلبية الرعاية الصحية العامة فيها، فإنّ الخسارة كارثية. وبالنسبة إلى الوكالات الصحية العالمية الكبرى، فإنّ الوضع حَرِج على نحو مماثل.
لقد انسحب الرئيس ترامب فعلاً من منظمة الصحة العالمية، التي تُحاول الآن إجراء خفض أولي للميزانية، قيمته 500 مليون دولار للفترة 2026-2027، للتعامل مع انسحاب الأموال الأميركية.
من سيتدخل؟
لفتت "نيويورك تايمز" الأميركية إلى أنّه "لا يوجد ما يُشير إلى أنّ التمويل الإضافي سيأتي من دول مجموعة السبع الأخرى، أو الاتحاد الأوروبي، أو الدول الأخرى ذات الدخل المرتفع. لقد خفّضت بريطانيا وألمانيا وفرنسا وهولندا والدول الإسكندنافية مساعداتها الخارجية. وتقدّمت بعض الدول المانحة الجديدة لدعم منظمة الصحة العالمية، بما في ذلك السعودية وكوريا الجنوبية، لكن إنفاقها يتضاءل، مقارنةً بالمبلغ الذي قدّمته الولايات المتحدة في السابق.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ "بين الجهات الفاعلة غير الحكومية، يُعَدّ البنك الدولي هو الأفضل في تقديم الدعم طويل الأجل للإنفاق الصحي، علماً بأنه لم يقدم سوى القليل حتى الآن.
وركّزت أغلبية المناقشات العامة، بشأن ملء الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة، على الصين، التي بنت حضوراً كبيراً من خلال تمويل مشاريع البنية الأساسية في الدول الأفريقية، وخصوصاً تلك التي تمتلك احتياطيات معدنية واسعة، أو موانئ استراتيجية، وفق الصحيفة.
والشهر الماضي، أوقفت وزارة الخارجية الأميركية جميع المساعدات الأميركية الخارجية، والمموّلة من وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، أو من خلالهما، "موقتاً، بهدف المراجعة".