"رويترز": الحرب على تأشيرات "H-1B".. أميركا ستدفع ثمناً باهظاً
لطالما اعتمدت أميركا على مزيج من المواهب المحلية والأجنبية، وستدفع ثمناً باهظاً إذا أصبحت الحملة المناهضة للهجرة دائمة.
-
"رويترز": الحرب على تأشيرات "H-1B".. أميركا ستدفع ثمناً باهظاً
وكالة "رويترز" الإخبارية تنشر تقريراً يتناول تداعيات قرار ترامب بفرض رسوم قدرها 100,000 دولار على الطلبات الجديدة لتأشيرات "H-1B"، والتي تُستخدم لجلب عمال ذوي مهارات عالية إلى شركات أميركية كبرى مثل "أمازون" و"مايكروسوفت" و"آبل".
يحلّل التقرير أثر سياسات ترامب على سوق العمل عالي المهارات في الولايات المتحدة، واستراتيجيات الشركات للتكيّف مع هذه السياسات، والتهديد المحتمل على قدرتها على توظيف أفضل المواهب العالمية.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
ما يجعل بعض الشركات الأميركية استثنائية هو قدرتها على توظيف أفضل الكفاءات في العالم. قرار الرئيس دونالد ترامب بفرض رسوم قدرها 100,000 دولار على الطلبات الجديدة لتأشيرات "H-1B"، المستخدمة لجلب عمال ذوي مهارات عالية للعمل لدى أمازون ومايكروسوفت، ومنصات شركة، وآبل وغيرها، يُشكّل خطراً على هذه المعادلة. ومع ذلك، سمح الرئيس لنفسه بثغرات كافية لتجنّب تداعيات سلبية كبيرة.
تفتح الحرب على تأشيرات "H-1B" جبهة جديدة في حملة واشنطن المناهضة للهجرة، لكنها ليست مفاجئة. لسنوات، تعرّضت شركات الاستعانة بمصادر خارجية لتكنولوجيا المعلومات الهندية العاملة في الولايات المتحدة لانتقادات لاستخدامها هذه التأشيرات لتوظيف مهندسين أجانب بأجور منخفضة بدل توظيف أميركيين. ومع ذلك، بدأ هذا الوضع يتغيّر. شركة تاتا للخدمات الاستشارية (TCS.NS)، ثاني أكبر مستخدم للبرنامج هذا العام، لديها 5505 موظفين يحملون تأشيرات "H-1B"، أي نصف ذروتها في عام 2021. ورغم أنّ المواطنين الهنود يمثّلون 71% من حاملي التأشيرات، تهيمن الشركات الأميركية على أكبر 10 جهات راعية.
سيكون التأثير المالي قصير المدى محدوداً، خصوصاً بعد أن أوضح البيت الأبيض سريعاً خلال عطلة نهاية الأسبوع أنّ الرسوم تنطبق على الطلبات الجديدة فقط، وليس على التأشيرات الحالية. حتى لو كانت بأثر رجعي، فإنّ التكلفة الأولية لبنك جي بي مورغان (JPM.N)، على سبيل المثال، ستعادل 0.4% من أرباحه السنوية. وبفصل التكلفة على ثلاث إلى خمس سنوات من مدة خدمة الموظف، ستكون رسوم الـ100,000 دولار تكلفة مقبولة لتوظيف أفضل الكفاءات، بينما قد تصل إلى 10% بالنسبة لشركة "TCS".
عملياً، من المرجح أن تستجيب الشركات لأمر ترامب بطريقتين رئيسيتين. أولاً، ستضاعف جهودها في نقل الأعمال إلى الخارج حيثما أمكن. ففي غياب أيّ تحرّك من واشنطن لفرض ضرائب على مدفوعات الاستعانة بمصادر خارجية، قد تكون الهند والفلبين والمكسيك من أبرز المستفيدين المحتملين. ورغم حاجة الشركات لوجود حدّ أدنى من الكفاءات بالقرب من مشاريعها لضمان تنفيذها بسلاسة، فقد برز اتجاه كبير نحو نقل الأعمال إلى الخارج خلال جائحة "كوفيد-19"، مما دحض الاعتقادات السابقة حول ضرورة وجود الأفراد لأداء مهام معيّنة.
ثانياً، ستعزّز الشركات اعتمادها على الذكاء الاصطناعي بشكل كبير لتغطية احتياجات القوى العاملة. فإذا كانت شركة تستخدم 10 أشخاص يحملون تأشيرات "H-1B" في مشروع ما، فقد تقلّل العدد إلى خمسة موظفين وتوظّف تقنيات الذكاء الاصطناعي لمعرفة ما إذا كان بالإمكان تعويض نقص الكفاءات. وستكون هذه النتيجة عكسيةً لنية واشنطن التي تهدف إلى حثّ أصحاب العمل على توظيف خريجي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات الأميركيين لمعالجة البطالة المحلية بين هذه الفئة.
اتخذ ترامب مواقف مختلفة بشأن تأشيرات "H-1B" على مرّ السنين، منحازاً أحياناً إلى مستشاريه التقنيين أو إلى مؤيديه السياسيين في حملة "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً". وقد يُفسّر غموضه وجود العديد من الثغرات في الأمر الرئاسي؛ فقد سمح لوزير الأمن الداخلي بمنح إعفاءات من الرسوم إذا كان ذلك في المصلحة الوطنية، ولا تُطبّق القيود إلا لمدة 12 شهراً، ما لم يُمدّد البرنامج.
لكنّ التهديد الشامل لا يزال قائماً. لطالما اعتمدت أميركا على مزيج من المواهب المحلية والأجنبية، وستدفع ثمناً باهظاً إذا أصبحت الحملة المناهضة للهجرة دائمة.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.