"فورين أفيرز": عصر العنف السياسي الجديد في أميركا

ماذا يحدث عندما يأتي التهديد من اليسار واليمين؟

  • "فورين أفيرز": عصر العنف السياسي الجديد في أميركا

مجلة "فورين أفيرز" الأميركية تنشر مقالاً يتناول تصاعد العنف السياسي في الولايات المتحدة وتحوله إلى ظاهرة تهدد الولايات المتحدة، من خلال عرض أمثلة واقعية وتحليل علمي لظاهرة "الشعبوية العنيفة".

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

تشهد الولايات المتحدة عصراً من الشعبوية العنيفة. فقد تزايدت التهديدات وأعمال العنف السياسي منذ نحو عقد تقريباً، مستهدفةً مجموعة واسعة من الضحايا، بمن فيهم النائب الجمهوري ستيف سكاليز والحاكمة الديمقراطية غريتشن ويتمر ورئيسة مجلس النواب آنذاك نانسي بيلوسي والرئيس الأميركي دونالد ترامب. في أيلول/ سبتمبر 2024، ذكرتُ في مجلة "فورين أفيرز" أن على الأميركيين الاستعداد لفترة اضطرابات استثنائية، تتضمن "محاولات اغتيال سياسي خطيرة، وأعمال شغب سياسية، وحالات أخرى من العنف الجماعي والفردي". وللأسف، تحقق هذا التوقع في عام 2025. وفي الآونة الأخيرة، حاول شخص إحراق منزل حاكم ولاية بنسلفانيا جوشوا شابيرو (بينما كان هو وعائلته بداخله)، كما قام شخص بقتل عضو مجلس النواب عن ولاية مينيسوتا ميليسا هورتمان. وفي أيلول/ سبتمبر، أطلق مسلّح النار على المُعلق والناشط تشارلي كيرك في أكبر عملية اغتيال في الولايات المتحدة منذ الستينيات. 

وقد أثار موت كيرك، بشكل خاص، جدلاً حاداً بين الحزبين حول أي جانب سياسي - اليسار أم اليمين - يتحمل مسؤولية التحول نحو العنف السياسي. والحقيقة أن أياً منهما ليس المسؤول الأكبر. وبما أنه من الصعب للغاية تجميع قائمة شاملة لحوادث العنف السياسي ثم تصنيفها بدقة وفق دوافعها الأيديولوجية، فقد قام مشروع شيكاغو للأمن والتهديدات (CPOST)، وهو مركز أبحاث تابع لجامعة شيكاغو أتولى إدارته، بدراسة التهديدات التي يتعرض لها أعضاء الكونغرس الذين تتم مقاضاتهم من قبل وزارة العدل. ومن خلال تركيزها على مجموعة مستقلة ومحددة جداً، تتجنب هذه الدراسة إلى حد كبير التحيّز الذي يُعيق الكثير من الأبحاث حول العنف السياسي. وقد توصلنا إلى أنه منذ عام 2017، ارتفع إجمالي عدد التهديدات التي واجهها النوّاب بشكل ملحوظ، وأن أعضاء الحزبين الديمقراطي والجمهوري مُستهدفون بالقدر نفسه.

وتدعم هذه النتيجة أبحاثاً أخرى تُظهر أن العنف السياسي في الولايات المتحدة ينبع حالياً من اليسار واليمين على حد سواء، وهي ظاهرة نادرة وخطيرة على نحو غير معتاد. وفي حال تُرك العنف السياسي لزخمه الخاص، فمن المرجح أن تتصاعد وتيرته أكثر، مع عواقب وخيمة على الديمقراطية الليبرالية الأميركية. وهذا يؤدي إلى إثارة الخوف في المجتمعات وبين القادة الذين يرون أنفسهم في دائرة التهديد؛ وبالتالي، الاستعداد لقبول القيود المفروضة على الحريات المدنية أو استخدام السلطة الحكومية لقمع هذا الخطر. وهذا يزيد من احتمالية التشكيك في شرعية الانتخابات المستقبلية. لكن الطابع العام لهذا التهديد يشير أيضاً إلى أنه في حال تضافرت جهود القادة السياسيين لإدانة العنف السياسي، فقد يتمكنون من إيقاف هذه الموجة.

هو يقول، وهي تقول

تُمثل الشعبوية العنيفة، وهي مرحلة سياسية تتميز بمستويات عالية من العنف السياسي وبدعم واسع النطاق له، خطراً أكبر على الديمقراطية الأميركية من أي منافسة مع دولة أخرى أو أي تهديد من جماعة إرهابية أجنبية. وبالطبع، تعرضت الأسس الديمقراطية للولايات المتحدة للتهديد بالعنف السياسي في الماضي. ففي عشرينيات القرن الماضي، شنّت جماعة "كو كلوكس كلان" (Ku Klux Klan) والقوميون حملات إرهابية ضد السود والكاثوليك والمهاجرين. وفي الستينيات والسبعينيات، باتت أعمال الشغب في المدن والاغتيالات السياسية سمةً مألوفة أكثر في الحياة الأميركية.

ولكن بخلاف الموجات الأخرى من الشعبوية العنيفة خلال القرن الماضي، تتميز هذه الموجة الجديدة بمستويات تاريخية مرتفعة من العنف السياسي بدافع من الأيديولوجية اليسارية واليمينية على حدّ سواء. ففي ستينيات القرن الماضي، اتفق المحللون بصورة عامة على أن المحرضين اليساريين كانوا مسؤولين عن غلبة العنف السياسي الأميركي، مثل احتجاجات "أيام الغضب" التي أطلقتها منظمة "ويذر أندرغراوند" عام 1968. كذلك، هناك إجماع علمي على أن الأشخاص الذين تحركهم أيديولوجية اليمين المتطرف نفذوا معظم أعمال العنف السياسي في الولايات المتحدة في الفترة من أوائل السبعينيات وحتى عام 2015 تقريباً، وبلغت ذروتها مع تفجير مدينة أوكلاهوما عام 1995 الذي أسفر عن مقتل 168 شخصاً.

ومنذ اغتيال كيرك، تجادل القادة والمحللون الأميركيون حول أي الفصائل السياسية يتحمل المسؤولية الأكبر عن تصاعد العنف السياسي. وأصرّ ترامب وآخرون في إدارته على أن "اليسار الراديكالي" هو المسؤول الأكبر، في حين أكد كُتّاب ومراكز أبحاث بارزة أن اليمين هو المسؤول الأكبر. فعلى سبيل المثال، في 11 أيلول/ سبتمبر، أصدر معهد "كاتو" دراسة زعمت أنه في الفترة ما بين 1 كانون الثاني/ يناير 1975 و10 أيلول/ سبتمبر 2025 (باستثناء هجوم 11 أيلول/ سبتمبر الذي كان وقعُه استثنائياً)، قتل الإرهابيون المدفوعون بأيديولوجيات يمينية عدداً أكبر من الأميركيين مقارنة بأولئك المدفوعين بآراء يسارية. وبعد أسبوعين، أصدر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية دراسة زعمت أن "الولايات المتحدة شهدت في السنوات الأخيرة زيادة في عدد الهجمات والمؤامرات الإرهابية اليسارية".

إن ما يجمع بين وجهتي النظر المتعارضتين ظاهرياً هو الاعتقاد بأن أحد الطرفين هو الأكثر مسؤولية، وأن تحديد هوية هذا الفصيل الجنائي بدقة أمرٌ أساسي لوقف تصاعد العنف. إلا أن نمط العنف السياسي الأميركي قد تغير جذرياً. فقد أصبح الساسة، من اليمين واليسار على حد سواء، عرضة لتهديدات بالغة الخطورة. وتكشف نظرة فاحصة على بيانات كلٍّ من الدراستين المتنافستين عن نمط من الهجمات المتزايدة التي نفذها مرتكبو الجرائم من اليمين واليسار على حد سواء منذ 10 سنوات خلت.

وتُظهر الدراسة التي أجراها معهد "كاتو" أنه منذ عام 1975، قتل المهاجمون الذين صنّفهم الباحثون يمينيين عدداً أكبر من الأشخاص مقارنةً بالمهاجمين الذين وُصفوا باليساريين. إلا أنه لا يُمكن اعتبار أعداد القتلى مؤشراً على التهديد الذي يُشكّله الشعبويون العنيفون. فعدد القتلى في حادثة عنف سياسي غالباً ما يكون مرتبطاً بالظروف. ففي الهجوم على النواب الديمقراطيين في ولاية مينيسوتا، نجا 3 من الضحايا المستهدفين. وعندما جاب رونالد ترويك بلدة أرفادا بولاية كولورادو، مسلحاً ببندقية "إيه آر-15" (AR-15) عام 2021، عازماً على قتل موظفين مكلفين بإنفاذ القوانين، كان ينوي على الأرجح قتل أكثر من واحد، لكن أحد المارة أطلق عليه النار وأرداه قتيلاً. وبما أنّ الهجمات المميتة تُعدّ عينة صغيرة، فإن حادثة إطلاق نار جماعي أخرى فقط ستُغيّر بشكل جذري ما تدّعي الدراسة الكشف عنه.

والأمر الأكثر أهمية أن دراسة "كاتو" تُظهر أنه على الرغم من أن هجمات اليمين كانت أكثر انتشاراً من هجمات اليسار بين عامي 1975 و2015، إلا أنها أصبحت متساوية تقريباً بعد عام 2016. وتكشف بيانات دراسة "جورج تاون" أن أعمال العنف السياسي التي ارتكبها مهاجمون تُصنّفهم الدراسة على أنهم يساريون ويمينيون قد ارتفعت في العقد الماضي. ويشكّل إعداد أي إحصاء موثوق لحوادث العنف السياسي تحدياً هائلاً. إذ لا يوجد تعريف رسمي لمكتب التحقيقات الفيدرالي للعنف السياسي؛ ويتطلب وضع تعريف تشريعاً من الكونغرس، لأنه الوحيد الذي يملك صلاحية تعريف ما يُشكّل جريمة فيدرالية. وقد يكون صعباً للغاية تسجيل جميع الحوادث بشكل مؤكد والحكم بدقة على دوافع مرتكبيها، الأمر الذي يترك محللي الحوادث العنيفة عرضة لاتهامات بالتحيز. فعلى سبيل المثال، في دراسته للعنف السياسي، صنف معهد "كاتو" المهاجم الذي قتل طالباً في مدرسة أنطاكية الثانوية في ناشفيل بولاية تينيسي في كانون الثاني/ يناير 2025 على أنه يميني، وقاتل 2 من موظفي السفارة الإسرائيلية في أيار/ مايو 2025 على أنه يساري، في حين أغفلت دراسة مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية المهاجم الأول ووصفت دوافع المهاجم الثاني بأنها "قومية عرقية". وعليه، تُظهر هذه الجوانب الغامضة الصعوبات المتأصلة في تجميع  بيانات شاملة وتصنيف الدوافع السياسية عندما يتفاوت عمق الأدلة من حالة إلى أخرى وعندما لا تحظى هذه الحوادث بتغطية إعلامية كافية.

تهديد مضاعف

لحسن الحظ، هناك طريقة أفضل لرصد العنف السياسي في الولايات المتحدة بشكل منهجي، وذلك من خلال دراسة التهديدات الموجهة إلى أعضاء الكونغرس التي اعتبرتها وزارة العدل خطيرة بما يكفي لمقاضاة مرتكبيها. ولدراسة هذه البيانات مزايا متعددة، فهي تُنشئ معياراً موضوعياً لما يُعدّ تهديداً خطيراً، وهو معيار تُحدده مؤسسة حكومية مختصة، ويُحدد بدقة من خلال التقارير الإعلامية وسجلات المحاكم العامة. كما تُحدد مجموعة أوضح من الحوادث من خلال التركيز على أهداف سياسية يسهل تحديدها. وعلى الرغم من أنّ استخدام الهوية الحزبية للأهداف كمرجع للدوافع الحزبية للجناة ليس نهجاً مثالياً، إلا أنه نهج جيد نسبياً (خاصةً عند النظر في مدى تغير النمط العام بمرور الوقت)، نظراً لندرة الحالات التي تُعزى إلى مشاكل شخصية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن مقارنة أعداد التهديدات السنوية عبر السنوات. والأهم من ذلك، استبعاد خطر قيام الباحث بترسيخ التحيّز الحزبي عند تصنيف التهديدات حسب الأيديولوجية السياسية.

لقد أجرى مشروع شيكاغو للأمن والتهديدات (CPOST) تقييماً شاملاً للتهديدات التي وُجهت إلى أعضاء الكونغرس بين عامي 2001 و2024. وخلال هذه الفترة التي استمرت 25 عاماً، قامت وزارة العدل بمقاضاة 377 تهديداً موجهاً إلى النواب الأميركيين، مع احتساب حالات التهديد الفردية التي هدد فيها الجاني النائب نفسه أكثر من مرة أو عدداً من النواب في القضية نفسه حتى لا يتم تضخيم الأرقام. وتضمنت التهديدات قيام الجناة بالاتصال بشكل متكرر بمكتب أحد أعضاء مجلس الشيوخ لتهديده بالاغتيال، أو إرسال مسحوق البارود إلى مكتب أحد النواب، أو حمل سلاح إلى مكتب أحد النواب أو منزله؛ أو إيذاء النائب جسدياً. ومن المحتمل أن وزارات العدل في الإدارات المختلفة لم تقم بملاحقة التهديدات ضد النواب من الحزب الآخر كما فعلت مع التهديدات ضد برلمانيها، ولكن حقيقة أن فترة دراستنا شملت فترات تولي أحزاب مختلفة السلطة التنفيذية توازن هذا الخطر.

وكان هناك تحول واضح في طبيعة هذا  الخطر وحجمه. ففي كل عام، بدءاً من عام 2017، ازدادت التهديدات المُلاحقة بأكثر من 5 أضعاف مقارنةً بالعام السابق. وبين عامي 2001 2016، بدا أن الديمقراطيين كانوا أكثر عرضة للخطر بشكل عام (باستثناء فترة إدارة بوش الأولى، حيث كان جميع النواب عرضة لمستوى منخفض نسبياً من التهديد). ومنذ عام 2016، كانت التهديدات التي يتعرض لها أعضاء الكونغرس الجمهوريون والديمقراطيون متساوية تقريباً. وكما هي الحال مع بيانات معهد "كاتو" ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، تُظهر دراسة مشروع شيكاغو للأمن والتهديدات، بدءاً من ذلك العام، ارتفاعاً ملحوظاً في العنف السياسي على كلٍّ من اليمين واليسار.

وبكل المقاييس الحاسمة، يبقى النمط نفسه: فقد ارتفعت وتيرة العنف السياسي على مدى العقد الماضي ولدى كل من اليمين واليسار. والاستمرار في التركيز على اختلافات ضئيلة نسبياً في الميزان لا يُسهم إلا في لعبة إلقاء اللوم الخطيرة التي قد تزيد الأمور سوءاً. 

دوّامة العنف والموت

لم يكن اغتيال كيرك مجرد مؤشر إحصائيّ جديد في سياق مستمر منذ سنوات، بل انعكاساً لتسارع حاد في وتيرة العنف السياسي مؤخراً. وقد أثار سلسلة من الأحداث المتفاقمة منها قمعٌ لحرية التعبير، وهجومٌ مقلّد مُحتمل على مكتب إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك في دالاس. وفي أواخر أيلول/ سبتمبر، أمر ترامب الجنرالات الأميركيين بـ"التعامل مع العدو الداخلي" ومعاملة المدن الأميركية "كساحات تدريب"، وقال: "إذا بصقوا، فسنضربهم". في المقابل، صعّد معارضو ترامب من لهجتهم. وقالت كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة لعام 2024، في خطاب ألقته أواخر أيلول/ سبتمبر: "عليك أن تُحارب النار بالنار".

لقد شجّعت النخب السياسية الأميركية من كلا الجانبين، عن قصد أو بغير قصد، على حشد البلاد في معسكرين متصارعين. ويتجلى هذا الاستقطاب العنيف في الشوارع. ففي هذا العام، شكّلت وكالات شركة "تسلا" هدفاً لنحو 100 هجوم بدوافع سياسية، ويواجه ضباط إدارة الهجرة والجمارك الأميركية اعتداءات. وردّ ترامب بتهديدات متزايدة العدوانية بمعاملة المدن ذات الأغلبية الديمقراطية كـ"مناطق حرب". واليوم، يقول عشرات الملايين من الأميركيين الذين لم يرتكبوا عنفاً سياسياً إنهم يدعمون هذا التوجّه.

على مدى السنوات الـ4 الماضية، أجرى مشروع شيكاغو للأمن والتهديدات (CPOST) استطلاعات رأي ربع سنوية لآراء الأميركيين لقياس دعمهم للعنف السياسي. وفي أحدث استطلاع أجريناه، بين 25 و28 أيلول/ سبتمبر، اتفق أكثر من ربع الديمقراطيين على أن "استخدام القوة مبرر لإزاحة دونالد ترامب من الرئاسة"، ووافق أكثر من ربع الجمهوريين على أن الرئيس "مُبرر في استخدام الجيش الأميركي لوقف الاحتجاجات ضد أجندة ترامب". وهذا يمثل 3 أضعاف نسبة المشاركين الذين وافقوا على أسئلة مماثلة طرحناها في أيلول/ سبتمبر 2024. 

وقد أظهرت الأبحاث التي أجراها علماء - أمثال روجر بيترسون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والخبير الاقتصادي الراحل آلان كروجر من جامعة برينستون، وإغناسيو سانشيز كوينكا من جامعة مدريد - بوضوح أن زيادة الدعم الشعبي للعنف السياسي غالباً ما تسبق الاغتيالات الحقيقية والتفجيرات وإراقة الدماء. لهذا السبب، من الضروري فهم مدى الدعم الحالي للعنف السياسي في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى حقيقة أن أعمال العنف يرتكبها أشخاص بدافع من أيديولوجيات يمينية ويسارية. ويمكن لدوامات العنف أن تتخذ زخمها الخاص، مولدةً دورات متبادلة من المحاكاة والانتقام.

ومع غياب أي جهد كبير لمنع مثل هذه الدوامة في الولايات المتحدة، لن يتوقف زخم العنف السياسي. وفي ضوء أوامر ترامب للجيش الأميركي، من المفيد التذكير بأن القوات البريطانية دخلت إيرلندا الشمالية في آب/ أغسطس 1969 بهدف تهدئة العنف المحلي. إلا أن وجودها أدى إلى ظهور الجيش الجمهوري الإيرلندي المؤقت، الذي انشق عن الجيش الجمهوري الإيرلندي الرسمي بسبب خلاف حول أساليب العنف. وكان الهدف الصريح للجيش الجمهوري الإيرلندي المؤقت هو طرد القوات البريطانية بالقوة، واستمرت حملته الإرهابية لعقود.

حلقة مثمرة

كشف استطلاع للرأي أجراه مشروع شياغو للأمن والتهديدات (CPOST) في أيلول/ سبتمبر عن سبب يدعو للتفاؤل. فقد أظهر أن الغالبية العظمى من الأميركيين لا زالوا يمقتون العنف السياسي، وأن أعداداً متساوية من الديمقراطيين والجمهوريين تتفق على أن التهديدات بالعنف ضد السياسيين تُشكل مشكلة خطيرة. كما وجدت الدراسة أن أكثر من 80% من الديمقراطيين والجمهوريين اتفقوا على أن قادة كلا الحزبين "يجب أن يصدروا بياناً مشتركاً يدين أي عنف سياسي في الولايات المتحدة". وتضم هذه المجموعة بعض المشاركين الذين أيدوا العنف السياسي في السابق، ما يشير إلى أنهم قد ينقلبون عليه لو كانوا واثقين من أن أنصار الحزب الآخر سيفعلون ذلك أيضاً.

من الضروري أن يخاطب قادة الولايات المتحدة هذه الأغلبية. فمن الآن وحتى انتخابات التجديد النصفي الأميركية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2026، من المستبعد أن تُسهم أي صفقة كبرى في سد الفجوة الحزبية العميقة في الولايات المتحدة. إن عقد قمة مناهضة للعنف السياسي يحضرها قادة بارزون، أمثال ترامب وحاكم ولاية كاليفورنيا غافن نيوسوم وحاكم ولاية إلينوي جيه بي بريتزكر يؤكدون فيها جميعاً أن العنف السياسي غير قانوني وغير أخلاقي ومخالف للقيم الأميركية، سيكون مؤثراً للغاية. وحتى إصدار إدانة مشتركة للعنف السياسي ستكون ذات معنى.

تُظهر الأبحاث الأكاديمية دائماً أنه في حال تعرض الجمهور لخطابات من قادته تهدد بالعنف أو تصف خصومهم السياسيين بتشبيهات مهينة، فإن دعمهم للعنف السياسي يزداد. 

نقلته إلى العربية: زينب منعم.