"المونتيور": ترامب يدعم خطة غزّة ضمنياً.. والخلاف بين نتنياهو والجيش يتسع
يشير تبادل للآراء الأسبوع الماضي بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكبير جنرالاته إلى أنّ نتنياهو نفسه لا يؤمن بالخطة التي يروج لها للسيطرة الكاملة على مدينة غزة.
-
"المونتيور": ترامب يدعم خطة غزّة ضمنياً.. والخلاف بين نتنياهو والجيش يتسع
موقع "المونيتور" الأميركي ينشر تقريراً يتناول خلافات وتباينات داخل القيادة الإسرائيلية، وخصوصاً بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكبار القادة العسكريين، بشأن خطته للسيطرة الكاملة على مدينة غزة وربما القطاع بأكمله.
المقال يوضح أن نتنياهو، رغم ترويجه لهذه الخطة، لا يبدو مؤمناً بقدرتها على تحقيق "النصر الشامل" الذي وعد به، وأن هدفه الأساسي هو كسب الوقت للبقاء في السلطة حتى انتخابات 2026، وسط أزمات سياسية داخلية وضغوط من حلفائه اليمينيين.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
يشير تبادل قصير للآراء الأسبوع الماضي بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكبير جنرالاته أثناء مناقشة مغلقة لمجلس الأمن المصغر إلى أنّ نتنياهو نفسه لا يؤمن بالخطة التي يروج لها لـ "إسرائيل" للسيطرة الكاملة على مدينة غزة وربما قطاع غزة بأكمله.
وفقاً لمصادر أمنية تحدثت إلى "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويتها، عندما حذّر رئيس أركان الجيش، الفريق إيال زامير، من أنّ توسيع العملية في غزة، وفقاً لخطة نتنياهو، يُعرّض حياة الرهائن الإسرائيليين العشرين المحتجزين لدى حماس للخطر، اقترح نتنياهو أن تعمل القوات فقط فوق الأرض، من دون المخاطرة بدخول الأنفاق التي يُحتجز فيها الأسرى. وأوضح زامير، الذي ذهل، وفقاً للمصادر الأمنية، أنّ مسلحي حماس سيخرجون من الأنفاق لقتل الجنود المتقدمين أو الرهائن أنفسهم.
وتجاهلت الحكومة تحذيرات زامير، وصوتت لصالح انتقال الجيش إلى أراضي غزة التي لم يعمل فيها خلال الحرب التي استمرت 22 شهراً بسبب المخاوف من أن يؤدي ذلك إلى تعريض حياة الرهائن للخطر.
اللعب من أجل الوقت
يدرك نتنياهو تماماً ما تنطوي عليه عمليته المقترحة وما يصاحبها من مخاطر. فبعد قرابة 18 عاماً في السلطة، يُعد رئيس الوزراء الحالي أقدم زعماء "إسرائيل" خدمةً، وقد أشرف على العديد من العمليات العسكرية خلال فترة ولايته. ومن الواضح أنّ تصريحاته بشأن تجنّب الأنفاق كانت تهدف إلى التوثيق، لتعزيز وعوده العلنية المتكررة بحماية الرهائن، حتى مع علمه باستحالة صمودهم في وجه هجوم عسكري طويل الأمد للسيطرة على غزة بأكملها.
قال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى، عمل عن كثب مع نتنياهو، لموقع "المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته: "لا بد أنّ نتنياهو يدرك أن هذه العملية من المستبعد جداً أن تُحقق النصر الشامل الذي وعد به منذ قرابة عامين. لكن نتنياهو لا يطمح إلى نصر كامل على حماس أو أعداء إسرائيل الآخرين، بل إنه يسعى جاهداً لتحقيق نصر مطلق على خصومه السياسيين، والاحتجاجات الشعبية الحاشدة، ومن يواصلون مطالبته بالاستقالة".
قال المصدر السياسي الإسرائيلي الرفيع: "يسعى نتنياهو جاهداً للبقاء في السلطة حتى الانتخابات المقررة أواخر عام ٢٠٢٦، ويفوز بها". وأوضح أنه إذا نجح نتنياهو في البقاء سياسياً لأكثر من عام، فسيكون ذلك نصراً لا يُصدق، فبعد أن تشهد "إسرائيل" أسوأ هجوم على الشعب اليهودي منذ المحرقة، يستعيد رئيس الوزراء آنذاك ثقة الشعب ويبقى في منصبه. وأضاف المصدر السياسي الإسرائيلي الرفيع أنّ هذا هو هدف نتنياهو الحقيقي.
ولتحقيق هذه الغاية، فإنّ ما يحتاجه نتنياهو أكثر من أي شيء آخر هو الوقت. فقد انسحبت الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة من الحكومة بسبب خطة أقرتها المحكمة لتجنيد ناخبيها عسكرياً. ويهدد وزير المالية المتشدد، بتسلئيل سموتريتش، مجدداً بالانسحاب من الحكومة، وهذه المرة لأن نتنياهو لم يُبالغ في تهديده باحتلال قطاع غزة.
أوضح أحد مستشاريه السابقين، متحدثاً إلى "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته، أنّ "نتنياهو يحاول إرضاء جميع الأطراف، ويحاول جاهداً التلاعب بجميع الأوراق في آن واحد". وأضاف: "إنه يعلم أنّ الجمهور منهك، والجيش منهك، والشعب متلهف لإنهاء الحرب وبدء إعادة تأهيل المجتمع الإسرائيلي. لكنه يعلم أيضاً أنّ جزءاً من قاعدته اليمينية يطالب باحتلال غزة، وأنّ سموتريتش يطالب أيضاً بإعادة بناء المستوطنات في غزة. أفضل خيار أمامه هو كسب الوقت".
المجتمع الدولي يفقد صبره
الوقت ليس في صالح نتنياهو عندما يتعلق الأمر بالمجتمع الدولي. فقد أعلن عدد متزايد من الدول، بعضها حليف لـ "إسرائيل"، عن خطط للاعتراف بدولة فلسطينية. كما تتسع دائرة مقاطعة الصناعة والأوساط الأكاديمية والاستثمارات الإسرائيلية.
في رأي مكتوب صدر هذا الأسبوع، حذّر المدعي العام العسكري الإسرائيلي، اللواء يفعات تومر يروشالمي، من أنّ السيطرة على قطاع غزة ستُحمّل "إسرائيل"، بموجب القانون الدولي، مسؤولية مصير مليوني نسمة من سكانه. وكان زامير قد صرّح، خلال اجتماع مجلس الوزراء الأمني، بأنّ نقل ما يقرب من مليون من سكان مدينة غزة إلى منطقة آمنة إنسانية قبل أي هجوم إسرائيلي سيكون مهمة معقدة ذات عواقب وخيمة محتملة.
قدّم زامير لنتنياهو بديلاً أقل طموحاً، ولكنه يبدو أكثر واقعية بكثير: توجيه ضربات جوية وبريّة ضدّ معاقل حماس، وبالتالي تجنّب التورط في حرب عصابات في منطقة مكتظة بالسكان. رفض مجلس الوزراء الاقتراح رفضاً قاطعاً.
قال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير سابق لموقع "المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته: "يدرك بعض الوزراء في الحكومة أنّ نتنياهو يقودهم إلى كارثة. لكن لا أحد يجرؤ على التكلم".
علاوة على ذلك، انقلب بعضٌ من دائرة نتنياهو على زامير. يُلام زامير، الذي عيّنه نتنياهو قبل ما يزيد قليلاً عن ستة أشهر، على فشله في سحق حماس وإعادة الرهائن إلى ديارهم. وفي سياقٍ يعكس الوضع الراهن، أعلن وزير الدفاع "إسرائيل" كاتس علناً يوم الاثنين رفضه الموافقة على قائمة جديدة من التعيينات العسكرية العليا لعدم تنسيقها معه. ورداً على ذلك، أشار الجيش إلى أنّ هذه التعيينات من صلاحيات زامير.
يبقى أن نرى إلى متى سيستفيد نتنياهو من الحرية المطلقة التي يبدو أنّ الرئيس دونالد ترامب منحه إياها. وقد دعمت إدارة ترامب حتى الآن، على مضض أو ضمنياً، نية نتنياهو المعلنة لاحتلال مدينة غزة.
صرح مصدر دبلوماسي رفيع المستوى لموقع "المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته، بأّن وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر أقنع مساعدي ترامب بأن حماس مسؤولة عن رفضها المتكرر للخطط التي طرحها الوسيط الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف لإطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب. وصرح وزير الخارجية ماركو روبيو في مقابلة أجريت معه في 9 آب/أغسطس بأنّ المحادثات مع حماس "انهارت يوم اتخذ [الرئيس الفرنسي إيمانويل] ماكرون قراراً أحادياً بالاعتراف بالدولة الفلسطينية".
أوضح المصدر الدبلوماسي الرفيع أنّ الإسرائيليين أقنعوا ترامب بأنّ زيادة الضغط العسكري على حماس هي السبيل الوحيد لضمان قبول الحركة لخطة ويتكوف. وقد كرر ترامب مراراً وتكراراً أن على نتنياهو القيام بما يلزم، شريطة أن يُنهي الحرب. إلا أنّ نتنياهو يريد المزيد من الوقت. ومن غير الواضح ما إذا كان ترامب مستعداً للموافقة، وإلى متى.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.