"المونيتور": انتقادات عالمية لـ "إسرائيل".. لكن نتنياهو يهمه موقف ترامب

يبدو أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غافل عن العزلة الدبلوماسية المتزايدة التي تواجهها "إسرائيل"والتداعيات المحتملة لذلك على اقتصادها.

0:00
  • ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض
    ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض

موقع "المونيتور" الأميركي تنشر تقريراً يناقش تدهور مكانة "إسرائيل" الدولية بسبب سياساتها في الحرب على غزة، ويركّز على العزلة الدبلوماسية والاقتصادية المتزايدة التي تواجهها نتيجة لذلك.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

العزلة والضغط الدوليان يجعلان "إسرائيل" دولةً منبوذة تقريباً.

يصف بعض المراقبين انهيار مكانة "إسرائيل" الدولية بأنه يوازي الكارثة العسكرية التي نتجت عن غزو حماس ومجزرتها في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وصرح مصدر دبلوماسي إسرائيلي رفيع المستوى لموقع "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "كما نجحت حماس في كسر شوكة "إسرائيل" في 7 أكتوبر/تشرين الأول، فإن الهجوم الدبلوماسي اليوم حطم ببساطة آليات دفاعنا".

رأس في الرمال

لا تتحمل "إسرائيل" سوى مسؤولية هذا المأزق الكارثي، لكنها تبدو غافلة عن تداعياته.

وقال دبلوماسي أوروبي مقيم في "إسرائيل" لموقع "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "هناك شعور بأن "إسرائيل" تتجاهلنا ببساطة". لقد حذرنا الإسرائيليين على مدى أشهر، وتحدثنا معهم باستمرار، ولكن على عكس الماضي، تتجاهل الحكومة الحالية هذه التحذيرات".

وقال إنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد "فقد كل ضبط للنفس"، مضيفاً أنّ "الضرر الذي لحق بمكانة "إسرائيل" سيستغرق سنوات لإصلاحه".

وواجهت "إسرائيل" بالفعل انتقادات دولية لاذعة بسبب عمليتها العسكرية التي استمرت 19 شهراً ضد حماس في قطاع غزة. لكن هجومها المتجدد على غزة خلال الأسابيع القليلة الماضية، ورفضها السماح بدخول المساعدات الإنسانية لأكثر من شهرين، أبعد حتى أقوى حلفائها.

ووصف بيان مشترك صادر الأسبوع الماضي عن قادة كندا وفرنسا والمملكة المتحدة تصرفات "إسرائيل" بأنها "لا تُطاق". وحذّروا من فرض عقوبات ما لم تتخذ "إسرائيل" إجراءات لمعالجة المعاناة في غزة وإنهاء الحرب، كما دعوا حماس إلى الإفراج الفوري عن عشرات الرهائن الإسرائيليين الذين لا تزال تحتجزهم، والذين يُعتقد أن حوالى 20 منهم على قيد الحياة.

قال مصدر دبلوماسي إسرائيلي رفيع المستوى آخر لموقع "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "إنهم قوى عظمى وأصدقاء قدامى لـ"إسرائيل". وقد أثارت إدانتهم موجةً من الانتقادات، حيث تزايد عدد الدول التي تُكرر مطالبها وتحث على الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية".

جهود للضغط على "إسرائيل"

تُنظّم فرنسا مؤتمراً مشتركاً مع المملكة العربية السعودية الشهر المقبل لمناقشة الاعتراف بدولة فلسطينية. وأعلن الاتحاد الأوروبي، بقيادة الحكومة الهولندية، أنه سيُعيد النظر في اتفاقية الشراكة التي تُحدّد الإطار القانوني لعلاقات "إسرائيل" مع الاتحاد. وقد حدّدت الحكومة البريطانية مسار هذا التوجه بتعليقها الأسبوع الماضي للمفاوضات بشأن اتفاقية تجارية جديدة مع "إسرائيل".

وقال المصدر الدبلوماسي الثاني: "هذا الإعلان بالغ الأهمية. فإلى جانب أهميته الاقتصادية، يُشير إلى الاتجاه الذي ستسلكه جميع الدول الأخرى. إنه اتجاه خطير يصعب إيقافه".

كما تُهدّد الإجراءات ضد "إسرائيل" مشاركتها في برنامج "أفق أوروبا" للبحث والتطوير التابع للاتحاد الأوروبي، وهو مصدر تمويل رئيسي للبحث العلمي والأكاديمي الإسرائيلي. وأصدر مجلس التعليم العالي، المنظمة الجامعة للجامعات الإسرائيلية، رداً نادراً وعاجلاً: "إن إلغاء اتفاقية "أفق" سيُوجّه ضربةً قاسيةً للأوساط الأكاديمية الإسرائيلية ويُسرّع تدهورها. والنتيجة المُرجّحة هي هجرة الأدمغة، حيث يبحث كبار الباحثين عن فرص في الخارج، ما يُقوّض أحد محركات النمو الاقتصادي الأساسية لإسرائيل".

يتسع الحصار الدبلوماسي بسرعة. فقد دعت إسبانيا إلى فرض حظر على الأسلحة وإلى عقوبات أخرى على "إسرائيل"، وكذلك فعلت السويد، التي استدعت السفير الإسرائيلي في ستوكهولم لتوبيخه. وتخطط أيرلندا لحظر التجارة مع الشركات الإسرائيلية المتمركزة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لتصبح أول دولة أوروبية تتخذ مثل هذه الخطوة.

ثم جاءت ألمانيا، الحليف الأوروبي الأهم لـ"إسرائيل". فعلى الرغم من سجله القوي المؤيد لإسرائيل، قال المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرز في مقابلة يوم الاثنين: "لم أعد أفهم هدف الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. إن إلحاق الأذى بالسكان المدنيين إلى هذا الحد، كما حدث بشكل متزايد في الأيام الأخيرة، لم يعد يُبرر باعتباره حرباً على إرهاب حماس".

وقد أيدت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني وحلفاء آخرون لـ "إسرائيل" منذ فترة طويلة آراء ميرز.

وأقر دبلوماسي إسرائيلي في محادثة مع "المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته، قائلاً: "الوضع صعب". يبدو أن الأمر لا يُقلق نتنياهو وجماعته كثيراً. فهم يركزون فقط على ما يحدث في البيت الأبيض، ولكن هناك حالة من عدم اليقين أيضاً.

وقال الدبلوماسي إن حاجة حكومة نتنياهو الواضحة لإرضاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتوقعه تفوق ما يحدث في أوروبا. وأضاف: "ما يحدث هناك هو انهيار كامل".

وحذر مسؤول إسرائيلي آخر من أنّ المشاعر القوية في أوروبا قد تؤدي إلى منع المزيد من ممثليها من دخول الاتحاد، كما حدث لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

اقتصاد "إسرائيل" في خطر

تُعرّض العزلة الدبلوماسية والعقوبات اقتصاد "إسرائيل" للخطر أيضاً. أكدت شركة الخدمات المالية العالمية "ستاندرد أند بورز" الأسبوع الماضي التصنيف الائتماني لـ "إسرائيل" عند "A/A-1"، لكنها أبقت على توقعاتها السلبية بسبب صراعات "إسرائيل" المستمرة في غزة ومع إيران ووكلائها. وكانت الوكالة قد خفضت التصنيف الائتماني لـ "إسرائيل" مرتين العام الماضي.

ازدادت عزلة "إسرائيل" مع تعليق معظم الرحلات الجوية إلى البلاد من قِبل شركات الطيران الكبرى، خوفاً من هجمات الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة التي يشنها الحوثيون، والتي تُعطّل أحياناً حركة المرور في مطار "إسرائيل" الرئيسي. وقد أفلت صاروخ من الدفاعات الإسرائيلية في وقت سابق من هذا الشهر وسقط داخل مجمع المطار، على الرغم من أنه لم يُسبب أي أضرار.

وقال مصدر أكاديمي إسرائيلي رفيع المستوى لموقع "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "لا يستطيع المستثمرون الحضور؛ ولا يستطيع رجال الأعمال الحضور لإتمام الصفقات؛ وقد أصيبت الأوساط الأكاديمية بالشلل. لقد تحولت العزلة السياسية إلى عزلة مادية". وأضاف: "سيكون من الصعب الاستمرار على هذا المنوال فترة طويلة".

لكن نتنياهو يبدو منيعاً. يواصل الحديث عن السيطرة الكاملة على غزة و"الانتصار الكامل" على حماس. وافقت الحكومة هذا الأسبوع على استدعاء 150 ألف جندي احتياطي إضافي لتوسيع عملياتها في غزة كجزء من خطة الحكومة المعلنة للسيطرة على معظم القطاع.

تقدر المصادر السياسية أن نتنياهو قلق بشأن احتمال واحد فقط: أن يجبره ترامب على التوقف. ويقال إن ترامب يفقد صبره مع استمرار الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة. ويأمل العديد من الإسرائيليين، الذين يشعرون باليأس إزاء ما يعتبرونه حرباً لا طائل منها، وإزاء الخسائر الفادحة في الأرواح في غزة، أن يفعل ذلك. وقد وجد استطلاع للرأي أجرته "القناة 12" الإسرائيلية في وقت سابق من هذا الشهر أن 61% من الإسرائيليين يريدون إنهاء الحرب ورؤية الرهائن يعودون، بينما يؤيد 25% فقط توسيع نطاق القتال واحتلال قطاع غزة.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.