"المونيتور": تسونامي دبلوماسي.. "إسرائيل" تواجه العزلة والاعتراف بفلسطين
تتعرّض "إسرائيل" للإقصاء ليس فقط من قبل الدول الأوروبية التي طالما انتقدت سياساتها، بل أيضاً من بعض حلفائها التقليديين مثل ألمانيا وإيطاليا، مع تفاقم أزمة الجوع في قطاع غزة.
-
الأوروبيون غاضبون بشأن غزة
موقع "المونيتور" الأميركي ينشر مقالاً يتناول الضغوط الدبلوماسية المتصاعدة على "إسرائيل" من قبل دول أوروبية وغربية، على خلفية الأزمة الإنسانية الحادة والمجاعة في غزة، مع اتجاه عدد متزايد من هذه الدول إلى الاعتراف بدولة فلسطينية.
كما يناقش التلويح الأوروبي بفرض عقوبات، منها تعليق مشاركة "إسرائيل" في برامج تمويل أبحاث، وحظر سفر مسؤولين إسرائيليين، إضافة إلى تصاعد الانتقادات حتى من حلفاء تقليديين كألمانيا وإيطاليا. ويرصد النصّ ما وُصف بـ"تسونامي دبلوماسي" يهدّد علاقات "إسرائيل" مع أوروبا ويعكس تغيّراً في مواقف شركائها التقليديين.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
في حين يشجّع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الدول الأوروبية على اتباع خطاه في الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة هذا الخريف، يدرس الاتحاد الأوروبي تعليق مشاركة "إسرائيل" في برنامج تمويل أبحاث رئيسي بسبب الأزمة الإنسانية في غزة، حيث تواجه "إسرائيل" ما وصفه مصدر مطلع بـتسونامي دبلوماسي تتزايد أخطاره.
لا تتعرّض "إسرائيل" للمقاطعة من قبل الدول الأوروبية المنتقدة لسياساتها فحسب، بل أيضاً من بعض حلفائها التقليديين مثل ألمانيا وإيطاليا، مع تفاقم أزمة الجوع في غزّة.
كما أعلنت كندا التي تعتبر أيضاً من داعمي "إسرائيل" أنّها ستتجه للاعتراف بدولة فلسطينية في الشهر المقبل، وأوضحت أنّ هذا القرار سيكون مشروطاً بإجراء السلطة الفلسطينية لانتخابات في عام 2026 والتزامها بالإصلاحات.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد قال في الأسبوع الماضي، إنّ فرنسا ستعترف بدولة فلسطين خلال قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة في الشهر المقبل، ممّا أثار غضب الحكومة الإسرائيلية التي قالت إنّ مثل هذا القرار سيعود بالنفع على حركة "حماس".
ومؤخراً أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن أنّ بِلاده ستعترف أيضاً بدولة فلسطين إذا لم توافق "إسرائيل" على وقف إطلاق النار في غزّة وتتخذ خطوات نحو حلّ الدولتين.
كما قال رئيس وزراء مالطا روبرت أبيلا إنّ بلاده ستعترف بفلسطين خلال الاجتماع الأممي ذاته.
فيما بعد، أعلنت 7 دول غربية أخرى هي أستراليا، كندا، فنلندا، نيوزيلندا، البرتغال، أندورا وسان مارينو أنّها تدرس أيضاً الاعتراف بدولة فلسطين من أجل تعزيز حلّ الدولتين. جاء بيانها خلال مؤتمر للأمم المتحدة في نيويورك شاركت في رئاسته كلّ من فرنسا والسعودية، وتركّز على قضية إقامة الدولة الفلسطينية وحقّها في الحكم الذاتي.
وقد زادت "إسرائيل" من تدفّق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة منذ يوم الأحد الماضي، إلّا أنّ الاتحاد الأوروبي ووكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة يحذّران من أنّ توزيع الغذاء والدواء يجب أن يتسارع بشكل كبير لمنع حدوث مجاعة في جميع أنحاء قطاع غزّة.
كذلك اتّهمت المفوّضية الأوروبية مؤخراً "إسرائيل" بشكل صريح بانتهاك حقوق الإنسان، والإشراف على احتمال حدوث "مجاعة في غزّة ناتجة عن القصف المستمرّ، والعمليات العسكرية، والنزوح الجماعي، وانهيار الخدمات الأساسية. ورغم إعلان "إسرائيل" عن وقف إنساني يومي للقتال في القطاع وتلبيتها لبعض التزاماتها، بموجب الاتفاق الأخير بين الاتحاد و"تلّ أبيب" بشأن وصول المساعدات "إلّا أنّ الوضع لا يزال خطيراً".
ردود الفعل الدبلوماسية
في ظلّ الصور اليومية للأطفال الجوعى في غزّة، تواجه "إسرائيل" الآن أكبر أزمة في علاقاتها مع العواصم الأوروبية منذ بدء الحرب في تشرين الأول/أكتوبر 2023، بحسب ما أفاد به محللون لموقع "المونيتور".
كما أعلنت هولندا في الأسبوع الماضي حظر دخول الوزيرين الإسرائيليين اليمينيين المتطرّفين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير إلى البلاد بسبب خطاباتهما التحريضية ضد غزّة والضفّة الغربية ودعوتهما لضمّ القطاع.
وقال دبلوماسي أوروبي لموقع "المونيتور" إنّ دولاً أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي قد تتخذ خطوات مماثلة ضدّ هذين الوزيرين، بينما قال دبلوماسي إسرائيلي رفيع المستوى فضّل عدم الكشف عن هويته إنّ "إسرائيل تواجه حالياً تسونامي دبلوماسياً".
وفي بيان صدر في الأسبوع الماضي، دعا منتدى السياسة الخارجية الإسرائيلي، وهو منظمة تضمّ دبلوماسيين سابقين، الحكومة إلى اتخاذ خطوات لإنهاء الحرب على غزة ومنع ضمّها محذراً من "انهيار دبلوماسي كامل، بالترافق مع حرب بلا هدف أو نهاية واضحة، وتزايد التهديدات بمقاطعة قطاعات التعليم العالي والبحث العلمي وصناعة التكنولوجيا المتقدّمة. ولوقف الانهيار واستعادة مكانة إسرائيل في المنطقة والعالم، يجب على الحكومة أن تغيّر مسارها".
تصدّع علاقات "إسرائيل" مع حلفائها
لقد قامت عدة دول أوروبية بالتحرّك للاعتراف بدولة فلسطين منذ بدء الحرب على غزّة، وقد اعترفت كلّ من سلوفينيا وإسبانيا وجمهورية أيرلندا والنرويج بدولة فلسطين في ربيع العام الماضي. وكما كانت آيسلندا والسويد قد سبق واعترفت بفلسطين في عامي 2011 و2014 على التوالي. لكن، لطالما انتقدت هذه الدول معاملة "إسرائيل" للفلسطينيين وشهدت على علاقات متوترة معها، إلّا أنّ الدبلوماسيين الإسرائيليين يبدون الآن قلقهم من تغيّر في نبرة العلاقات مع الشركاء الأوروبيين التقليديين.
وكان رئيس وزراء هولندا ديك سخوف قد قال إنّه إذا لم تسمح "إسرائيل" بوصول المساعدات الإنسانية بشكل فوري ومن دون عوائق، فإنّ حكومته ستدعم تعليق مشاركتها في برنامج "آفاق" للبحث العلمي التابع للاتحاد الأوروبي. وكتب سخوف على منصّة "إكس"، أنّ هولندا "ستضغط أيضاً من أجل اتخاذ مزيد من الإجراءات الأوروبية، منها في مجال التجارة". وكانت شهدت العلاقات بين "إسرائيل" وهولندا تقلّبات، وفي الأشهر الأخيرة، قادت الحكومة الهولندية الجهود لمطالبة الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في اتفاقية الشراكة مع "إسرائيل"، والتي تحدّد مجمل علاقات الاتحاد معها في مجالات العلوم والثقافة والتعاون الأكاديمي ومع المجتمع المدني.
رئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، التي تترّأس حزب "إخوة إيطاليا" اليميني المتطرف، تعتبر أيضاً من الداعمين الأقوياء لـ"إسرائيل". وعلى الرغم من أنّ إيطاليا أوضحت هذا الأسبوع أنّها لن تتخذ خطوة للاعتراف بدولة فلسطين، إلّا أنّ ميلوني كثّفت من انتقاداتها للحملة الإسرائيلية في غزّة وزادت من جهودها لإرسال المساعدات إلى القطاع المدمّر من الحرب.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلنت روما عن تبرّعها بمبلغ 12 مليون يورو لبرنامج المساعدات الأممية "الغذاء من أجل غزّة". كما أدانت ميلوني "إسرائيل" بسبب القصف الذي استهدف كنيسة العائلة المقدّسة في القطاع منتصف الشهر الماضي، والذي أدى إلى مقتل امرأتين. وقالت ميلوني إنّ "الهجمات الإسرائيلية ضدّ السكّان المدنيين منذ شهور غير مقبولة، ولا يمكن تبرير مثل هذا السلوك".
لا تزال العقوبات مطروحة
في الـ 16 من الشهر الماضي قدّمت المفوّضية الأوروبية لوزراء الخارجية الأوروبيين قائمة تضمّ 10 عقوبات محتملة ضدّ "إسرائيل" بسبب انهيار الوضع الإنساني في غزة، تتراوح بين تعليق التعاون التقني وتجميد بعض عناصر اتفاقية الشراكة مع الاتحاد، وذلك بعد العثور على "مؤشرات" تفيد بأنّ "إسرائيل" ربما انتهكت التزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان بموجب الاتفاقية. ويعدّ تعليق برنامج "آفاق" أحد العقوبات المحتملة المطروحة، والاقتراح الأكثر تقدّماً حالياً.
قال دبلوماسي إسرائيلي رفيع المستوى: "طالما أنّ إيطاليا وألمانيا تعارضان تعليق مشاركة إسرائيل في برنامج آفاق، فلن يُعرض الاقتراح على الوزراء للتصويت، حيث يتطلّب مثل هذا القرار أغلبية من الدول الأعضاء تمثّل ما لا يقلّ عن 65% من سكان الاتحاد الأوروبي. ومن دون هذين البلدين لن يمرّ التصويت أبداً".
ومع ذلك، قد يتغيّر هذا، يضيف الدبلوماسي: "بينما ينقسم أعضاء الاتحاد الأوروبي بشأن الاعتراف بدولة فلسطين، إلا أنهم موحّدون حول ضرورة حلّ الأزمة الإنسانية في غزّة، ويتفقون على دور إسرائيل في تأجيج الأزمة، بينما قال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي، "على إسرائيل أن تستعدّ لاحتمالية فرض عقوبات أوروبية".
نقله إلى العربية: حسين قطايا.