"فايننشال تايمز": لماذا يهتم ترامب بمظهر الرجال؟
المجاملة ليست سوى جزء من قصة رئيس يتصرف كنجم سينمائي.
-
ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع
صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تنشر مقال رأي يناقش هوس دونالد ترامب بالمظهر الخارجي، خصوصاً مظهر الرجال الآخرين، وكيف يستخدم هذا الهوس كوسيلة للإطراء والتأثير وبناء علاقات.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
ليس مشروع قانون الإنفاق الضخم لدونالد ترامب، الذي خفّض الضرائب وتضخمت ديونه، الشيء الوحيد الذي يدّعي أنه جميل. فقد كانت جولته في الخليج في وقت سابق من هذا الشهر بمثابة موجة إطراءات شاملة ركّزت على مظهر الرجال الآخرين.
فوفق ترامب، كان الرئيس السوري "شاباً وجذاباً"؛ وكان الرئيس الإماراتي "رائعاً". أما بالنسبة للزعيم الفعلي للمملكة العربية السعودية، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأمير قطر، فقد قال: "كلاهما طويل القامة، وسيمان، وذكي للغاية.. أنتم تُذكرونني ببعضكم البعض نوعاً ما".
ولا يقتصر ترامب على الدبلوماسية في إطرائه. فعندما يتعلق الأمر بالمهمة الجادة المتمثلة في الترحيب بأبطال كرة السلة الجامعية الوطنية، فريق جامعة فلوريدا غاتورز، في البيت الأبيض، كان الأمر نفسه: "رجال طوال القامة! رجال وسيمو المظهر!" وفي أثناء تقديمه الميداليات لأسر ضباط الشرطة الذين سقطوا، تحدّث عن "الدمار" الذي حل بإحدى الأسر، وأشار إلى أحد أبنهم بأنّه وسيم.
ومن بين قصص ترامب، التي استُخدمت في مناسبات عديدة، قصة كيف حلّقت به طائرة الرئاسة فوق العراق في ظلام دامس خلال ولايته الأولى، على متنها "أجمل البشر الذين رأيتهم على الإطلاق" وفق تعبيره. وقال ترامب في بودكاست مع جو روغان في تشرين الأول/أكتوبر الماضي: "هؤلاء الرجال نماذج مثالية. إنهم أجمل من توم كروز، حسناً، بل وأطول قامة. إنهم نماذج مثالية".
لم يُخفِ ترامب قط انشغاله بالمظهر. فقد اشترى مسابقة ملكة جمال الكون عام 1996، وكان يقضي وقتاً في تقييم مظهر النساء في برنامج "ذا هوارد ستيرن شو"، وقد صرّح مراراً وتكراراً - وأوضح بوضوح - أنه يُقدّر النساء الجميلات تقديراً كبيراً. قال ترامب، البالغ من العمر 59 عاماً آنذاك، عن ابنته البالغة من العمر 24 عاماً في عام 2006: "لو لم تكن إيفانكا ابنتي، لربما كنت أواعدها".
لكن ما زاد بشكل كبير، ولا يزال يثير الدهشة، خاصةً عندما لا يكون الشخص المعني وسيماً كما جرت العادة، هو مقدار الوقت الذي يخصصه الرئيس للحديث عن مظهر الرجال الآخرين. ما هو هذا الهوس؟ وهل يمكن أن يخبرنا بأي شيء عن عقلية وأسلوب حكم هذا الرئيس الأميركي الأكثر إطراءً؟
للتوجيه، اتصلت بابنة أخته المنفصلة عنه، ماري ترامب، التي لا تخفي ازدراءها لعمها، ولكنها أيضاً طبيبة نفسية، وابنة أول رجل ربما لاحظ ترامب أنه جذاب. في كتاب "فن الصفقة" لعام 1987، وصف ترامب شقيقه الأكبر الراحل، فريد ترامب جونيور، رجل يتمتع بمظهر جيد تقليدي توفي بشكل مأساوي عن عمر يناهز 42 عاماً بعد صراع مع إدمان الكحول، بأنه "وسيم للغاية".
تقول لي ماري ترامب: "كان يقول هذا عن والدي طوال الوقت. في ذلك الوقت، كان الأمر أشبه بقول: 'فريدي كان فاشلاً بعض الشيء، لكنه على الأقل كان وسيماً'". لكنها تلاحظ أيضاً أنّ ترامب يستخدم هذه المجاملات لكسب ود نفسه. تقول لي: "أحد الأمور التي أعتقد أنه من السهل جداً إساءة فهمها بشأن دونالد، خاصة إذا كنت تكرهه أو لا تكن متعاطفاً معه، هو إدراك أنه يتمتع بالفعل بكاريزما وسحر. ومن المهم جداً بالنسبة له أن يُعجب به الطرف الآخر".
تبدو لي هذه الرغبة القوية في أن يُعجب به الآخرون، أو ربما يُحبونه، مفتاحاً لميل ترامب إلى الإطراء: فهو يعلم أنّ الجميع يستمتعون بالمجاملات حول مظهرهم، وهي طريقة سريعة وسهلة لبناء علاقة جيدة. وكما تشير ابنة أخيه، "إنه أمر سطحي للغاية.. لستَ بحاجة إلى معرفة أي شيء عن شخص آخر لتمتدح مظهره".
شيء آخر يحققه هو إرساء ديناميكية قوة معينة؛ الشخص الذي يقدم المجاملة يكتسب اليد العليا. إنه يُظهر الثقة والراحة الاجتماعية ويمكن أن يكون نزع السلاح تماماً، خاصة عندما يكون غير متوقع. لكن ترامب يستخدم هذه الحيلة فقط عندما يكون في وضع ودي: لم يقدم مثل هذا الإطراء لنجم التلفزيون الذي تحول إلى رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، خلال زيارته المتوترة إلى المكتب البيضاوي في شباط/فبراير، ولا لرئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، الأسبوع الماضي، عندما اتهم بلاده بـ "الإبادة الجماعية البيضاء". كما تقول ماري ترامب: "إنه لن [يُثني] على الأشخاص الذين يريد إذلالهم".
لا بد من القول إنّ جزءاً من هذا يعود إلى ميل ترامب للتعبير عما يخطر بباله. لكن الأمر يتعلق أيضاً بجعل نفسه يشعر بالرضا، فترامب لا يريد فقط مدح الرجال الوسيمين، بل يريد أن يحيط نفسه بهم أيضاً.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.