"فايننشل تايمز": هل يستطيع إيمانويل ماكرون وقف الانهيار السياسي في فرنسا؟
أدى انهيار حكومة سيباستيان ليكورنو حتى ما قبل أداء اليمين الدستورية إلى دفع فرنسا إلى اضطرابات سياسية جديدة، ما أدى إلى اهتزاز الأسواق.
-
سيباستيان ليكورنو
صحيفة "فايننشل تايمز" البريطانية تنشر مقالاً يتناول الأزمة السياسية المتفاقمة في فرنسا بعد انهيار حكومة سيباستيان ليكورنو قبل أدائها اليمين الدستورية، وما ترتب على ذلك من اضطرابات سياسية واقتصادية وضغوط على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
أدى انهيار حكومة سيباستيان ليكورنو حتى قبل أداء اليمين الدستورية يوم الاثنين إلى دفع فرنسا إلى اضطرابات سياسية جديدة، ما أدى إلى اهتزاز الأسواق.
كانت أقصر فترة رئاسة وزراء منذ عام 1958، ما ترك ماكرون أمام خيارات محدودة قابلة للتطبيق، وزاد من احتمال إجراء انتخابات برلمانية مبكرة أخرى، كل ذلك في ظل ارتفاع تكاليف الاقتراض في فرنسا. وهناك سيناريوهات مستقبلية.
لماذا استقال ليكورنو وماذا يعني ذلك؟
ليكورنو مساعد مقرب من ماكرون، وصانع أزمات، ووزير دفاع سابق. وفشله في التوصل إلى حل وسط بشأن ميزانية عام 2026، والتي كان من شأنها أن تلقى استحسان معسكر الرئيس ووسط اليمين ووسط اليسار، لا يبشر بالخير لأي مرشحين مستقبليين.
إن سقوط رئيس الوزراء بعد أقل من شهر من تعيينه من قبل ماكرون يُعزز موقف زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، التي تدعو إلى انتخابات جديدة. تُظهر استطلاعات الرأي أنّ حزبها "التجمع الوطني"، أكبر حزب في البرلمان حالياً، هو الخيار المُفضّل لدى الناخبين، على الأقل في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية.
لم تلبِّ التنازلات التي كان ليكورنو مستعداً لتقديمها للاشتراكيين مطالبهم بفرض ضرائب على الأغنياء وتجميد إصلاح نظام المعاشات التقاعدية. وعوضاً عن ذلك، راهن على تعهد بعدم تجاوز البرلمان عند إقرار الميزانية، لكن ذلك كان قليلاً جداً ومتأخراً جداً.
على يمين الوسط، أدى اختيار ليكورنو لوزير المالية السابق برونو لومير ليعود إلى منصب وزير الدفاع إلى تنفير حزب الجمهوريين (LR)، الذي تراجع عن دعمه السابق.
قال وزير الداخلية وزعيم حزب الجمهوريين، برونو ريتيللو، إنه لم يُبلّغ بتعيين لومير مُسبقاً، وإن ذلك أدى إلى "مشكلة ثقة"، وإن تهديده بالاستقالة حسم أمر ليكورنو. وفي وقت لاحق من يوم الاثنين، انسحب لومير، مُصرّحاً بأنه لا يُريد "عرقلة سير العمل في البلاد".
وقال ليكورنو في وقت لاحق إن ماكرون كلفه بإجراء محادثات أخيرة مع الأحزاب السياسية "من أجل استقرار البلاد"، مضيفاً أنه سيبلغ الرئيس بنتائجها بحلول مساء الأربعاء، حتى يتمكن ماكرون من "استخلاص الاستنتاجات المناسبة".
ما هي خيارات ماكرون؟
اعتبر العديد من المحللين والمطلعين على الشأن السياسي اختيار ماكرون لليكورنو فرصة أخيرة. ومع ذلك، لا يوجد أي التزام على الرئيس بالدعوة إلى انتخابات مبكرة الآن، إذ لن يستفيد لا معسكره، ولا الاشتراكيون، ولا حزب "الجمهورية الفرنسية" من مثل هذه الخطوة.
ولا يزال بوسع ماكرون أن يختار شخصية يسارية، مثل برنارد كازينوف، رئيس الوزراء الاشتراكي الأسبق الذي يعتبر احتمالاً مطروحاً.
قد يلعب ماكرون على الوقت ويختار تكنوقراطياً غير تابع لأي حزب. ومن الممكن أيضاً أن يحكم فرنسا ليكورنو كرئيس وزراء مؤقت، مع الحكومة التي عينها للتو. وإذا قرر ماكرون حل البرلمان، فستُجرى انتخابات خلال 40 يوماً.
ما هي نتيجة التصويت المبكر؟
لا يزال من الممكن أن يؤدي التصويت المبكر إلى برلمان معلق، وبالتالي يفشل في كسر الجمود السياسي. وحتى قبل تعيين حكومة ليكورنو المنكوبة، كان 61% من الناخبين الفرنسيين يؤيدون إجراء انتخابات جديدة، وفقاً لاستطلاع رأي أجرته محطة "TF1-LCI" في أيلول/سبتمبر.
إنّ نظام التصويت المكون من جولتين في فرنسا يعقد الانتخابات البرلمانية، لكن استطلاعات الرأي التي أجراها معهد "إيفوب وكلستر 17" في الأسابيع الأخيرة توقعت أنّ حزب اليمين المتطرف بزعامة لوبان وحلفائه سوف يحصلون على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الأولى.
تُحيط علامة استفهام كبيرة باليسار المُتناحر، الذي توحد العام الماضي وتفوق على حزب الحركة الوطنية في الانتخابات المبكرة ليصبح أكبر كتلة برلمانية. لكن الاشتراكيين وحزب "فرنسا الأبية" اليساري المتطرف بزعامة جان لوك ميلانشون قد اختلفوا منذ ذلك الحين، ولا يزال من غير الواضح إذا ما كانوا سيتمكنون من تجاوز خلافاتهم.
من المتوقع أن تكون الكتلة الوسطية الداعمة لماكرون هي الخاسرة الكبرى.
هل منصب ماكرون على المحك؟
بموجب الدستور الفرنسي، يجري انتخاب الرئيس بشكل منفصل، وتستمر ولاية ماكرون الثانية حتى عام 2027. وقد استبعد مراراً وتكراراً التنحي عن منصبه قبل انتهاء ولايته.
لكن الدعوات إلى استقالته تزايدت، بما في ذلك من بعض حلفائه السابقين في الحزب الجمهوري، ومن المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع في الأسابيع الأخيرة. يرى كثيرون أن الأزمة الحالية من صنع ماكرون، ويجب أن يتحمل مسؤوليتها، وهي السبيل الوحيد لكسر الجمود.
وقال ديفيد ليسنار، نائب رئيس حزب LR، إنّ "مصالح فرنسا تتطلب من إيمانويل ماكرون الاستقالة من أجل الحفاظ على مؤسساتنا وفك الجمود في الوضع الذي أصبح لا مفر منه منذ الحل السخيف [للبرلمان في عام 2024]. إنه المسؤول الأول عن هذا الوضع".
نقله إلى العربية: الميادين نت.