"نيويورك تايمز": هل روسيا عدو أم شريك مستقبلي للولايات المتحدة؟
سيُصدر كبار مسؤولي الاستخبارات الأميركية اليوم الثلاثاء تقييمهم الحالي لروسيا، وهم عالقون بين واقع العلاقات الروسية الأميركية ومستقبلها.
-
بوتين وترامب في لقاء سابق
صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تنشر تقريراً يتناول التوترات داخل إدارة الرئيس ترامب حول السياسة الأميركية تجاه روسيا، خاصة في ضوء التقييمات الاستخبارية للأمن القومي، والحيرة التي يواجهها رؤساء أجهزة الاستخبارات الأميركية عندما يُطلب منهم تقديم "تقييم عام للتهديدات العالمية" خلال ولاية ترامب الثانية.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية بتصرف:
عندما يمثل رؤساء أجهزة الاستخبارات الوطنية أمام الكونغرس يوم الثلاثاء لتقديم أول "تقييم عام للتهديدات العالمية" خلال ولاية الرئيس ترامب الثانية، سيواجهون خياراً استثنائياً.
هل سيتمسكون باستنتاجهم الراسخ حول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن هدفه هو سحق الحكومة الأوكرانية و"تقويض الولايات المتحدة والغرب؟"
أم سيصفون بوتين بالأوصاف التي يصفه بها ترامب وكبير مفاوضيه مع روسيا هذه الأيام: شريك أعمال مستقبلي جدير بالثقة، يريد ببساطة إنهاء حرب ضروس، والسيطرة على أجزاء من أوكرانيا هي من حقه، واستئناف علاقة منتظمة مع الولايات المتحدة؟
ازداد هذا الخيار المُحيّر وضوحاً في الأيام الأخيرة منذ أن بدأ ستيف ويتكوف، أحد أقدم أصدقاء ترامب من عالم العقارات ومبعوثه المختار إلى الشرق الأوسط وروسيا، في التقاط العديد من نقاط الحديث المفضلة لدى بوتين. وقلل ويتكوف شأن المخاوف الأوروبية من أن روسيا قد تنتهك أي وقف لإطلاق النار يُتفق عليه، وأنه يجب تشكيل قوة لحفظ السلام لردع موسكو. وذكر أنّ "فكرة أنّ الروس سيزحفون عبر أوروبا سخيفة". وجادل ويتكوف بأن بوتين لا يريد حقاً السيطرة على كل أوكرانيا، ورأى أن كل ما تسعى إليه روسيا هو الاستقرار.
من بين كل التحولات المذهلة التي تشهدها واشنطن هذه الأيام، ربما تكون وجهة نظر إدارة ترامب بشأن روسيا واستعدادها الظاهري للتصديق على بوتين هي التي تجعل الحلفاء ومسؤولي الاستخبارات والدبلوماسيين في حالة من الارتباك الشديد.
حتى تولى ترامب منصبه، كان الرأي السائد بين الولايات المتحدة وحلفائها أنهم كانوا ساذجين للغاية بشأن طموحات روسيا الحقيقية لفترة طويلة جداً، وأنهم لم يستمعوا جيدًا لبوتين عندما جادل لأول مرة، عام 2007، بأن هناك أجزاء من روسيا تحتاج إلى استعادتها إلى الوطن الأم. ثم غزا جورجيا، وضم شبه جزيرة القرم، وأرسل الجيش بغير زيّه العسكري لشن حرب عصابات في دونباس.
ومع ذلك، كان تطبيق العقوبات بطيئاً، وكانت أوروبا بطيئة جداً في إعادة تسليح نفسها، وهي نقطة يؤكدها ترامب نفسه عندما يضغط على الأوروبيين للحصول على المزيد من الأموال للدفاع عن أنفسهم.
والآن، يرفض ترامب الاعتراف بأنّ روسيا غزت أوكرانيا. وقد ناقضه علناً العديد من القادة الأوروبيين، الذين يقولون إنه حتى لو خططت الولايات المتحدة للسعي إلى تطبيع العلاقات مع روسيا، فإنهم لا يفعلون ذلك.
أما بالنسبة إلى وكالات الاستخبارات الأميركية، التي يُفترض أن تستند آراؤها إلى تحليل دقيق لمعلومات جُمعت سراً وأخرى مفتوحة المصدر، فلا يوجد حتى الآن ما يشير إلى تغير في آرائها بشأن بوتين وطموحاته. لذا، يقع على عاتق المديرة الجديدة للاستخبارات الوطنية، تولسي غابارد، ومدير وكالة المخابرات المركزية الجديد، جون راتكليف، مهمة وصف روسيا بأنها عدو حالي وشريك مستقبلي.
وتحدث ويتكوف عن وقف إطلاق نار تفاوضي يسمح لروسيا بالاحتفاظ بالأراضي التي تحتلها حالياً والحصول على ضمانات بأن أوكرانيا لن تنضم أبدًا إلى حلف شمال الأطلسي. وقال: "مشاركة الممرات البحرية، وربما إرسال غاز طبيعي مسال إلى أوروبا معاً، وربما التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي"، معلقاً: "من منا لا يرغب في رؤية عالم كهذا؟"
وقال السيناتور مارك وارنر من ولاية فرجينيا، وهو الديمقراطي البارز في لجنة الاستخبارات بالمجلس، إن تعليقات ويتكوف وآخرين في إدارة ترامب مربكة للغاية بالنسبة إلى الجواسيس الأميركيين. وأضاف: "إذا نشأتَ في مجتمع الاستخبارات وأنتَ على درايةٍ بموقف بلادك من روسيا، وفجأةً تغير موقفك واتخذتَ موقفاً روسياً تماماً، فكيف تفهم ذلك؟"
وارنر رأى أنّ السياسة الأميركية المتغيرة تجاه روسيا تهدد الشراكات الاستخبارية. وقال إنه في حين تجمع أميركا معلوماتٍ استخباريةً أكثر بكثيرٍ من الدول الأخرى، فإن المساهمات المُجتمعة لحلفائها الرئيسيين كبيرة. وإذا ازدادت مخاوفهم بشأن السياسة الأميركية وتحليلها الدقيق للمعلومات الاستخبارية، فإن مشاركتهم ستكون أقل.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.