"بلومبرغ": حرب ترامب التجارية تدفع البرازيل والهند لمضاعفة شراكتهما الاقتصادية
في مواجهة تداعيات الحرب التجارية التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تعمّق البرازيل والهند تعاونهما الاقتصادي للبحث عن أسواق جديدة وتوسيع شراكتهما التجارية بعيداً عن الضغوط الأميركية.
-
رفع رئيس حكومة الهند، ناريندرا مودي، ورئيس البرازيل، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، أيديهما متشابكتين في قصر ألفورادا، في 8 تموز/يوليو 2025 "أسوشيتد برس"
تتحرك البرازيل والهند، وهما من أكبر اقتصادات الأسواق الناشئة، لتقوية روابطهما التجارية في مواجهة تداعيات الحرب التجارية التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، سعياً إلى بناء جبهة اقتصادية مشتركة تساعدهما على تحمل الضغوط الأميركية وإيجاد أسواق بديلة.
ويجتمع هذا الأسبوع في نيودلهي مسؤولون حكوميون ورجال أعمال من البلدين، بهدف تعزيز الشراكة القائمة بينهما والتي تبلغ قيمتها نحو 12 مليار دولار، وبحث فرص التعاون في مجالات الزراعة والوقود الحيوي والدفاع، وفق تقرير لوكالة "بلومبرغ" الأميركية.
ويقود نائب الرئيس البرازيلي، جيرالدو ألكمين، الوفد البرازيلي الذي يضم مسؤولين تنفيذيين من شركات كبرى بينها شركة النفط الوطنية "بتروبراس"، وشركة التعدين "فالي إس إيه"، وشركة الأغذية "بي آر إف إس إيه"، مع تركيز خاص على فتح أسواق جديدة للقهوة والإيثانول.
وبحسب مسؤول حكومي برازيلي مُشارك في تحضيرات الزيارة، طلب عدم الكشف عن هويته، يسعى الطرفان إلى توسيع نطاق اتفاقية التجارة التفضيلية الموقّعة عام 2004 بين الهند وتكتل "ميركوسور"، الذي يضم البرازيل والأرجنتين وأوروغواي وباراغواي.
وقال خورخي فيانا، رئيس وكالة تعزيز التجارة والاستثمار البرازيلية "أبيكس برازيل"، إنّه "ربما تكون أكبر زيادة في تدفقات التجارة التي سنراها مع الهند بغض النظر عن رفع التعريفات الجمركية، بل وبسببها أيضاً".
بدوره، قال رئيس شركة "أركو إنترناشونال" الاستشارية في واشنطن، تياغو دي أراجاو، إن "حرب ترامب التجارية تُحدث إعادة تنظيم شاملة للتجارة في كل مكان"، مضيفاً: "مع أن الجميع يرغب في حل مشاكله مع الولايات المتحدة، إلا أن الجميع يخشى أن تصبح هذه العقلية التي تتبناها إدارة ترامب توجهاً طويل الأمد".
وفي المقابل، تحاول نيودلهي الموازنة بين علاقاتها المتنامية مع واشنطن وبين التزاماتها تجاه حلفائه في العالم النامي. لدرجة أن رئيس الحكومة ناريندرا مودي، تردد في البداية في حضور قمة "البريكس" السنوية التي استضافتها البرازيل في تموز/يوليو، خوفاً من الإضرار بالعلاقات الأميركية الهندية، وفقاً لأشخاص مطلعين.
لكن العلاقات بين مودي وترامب شهدت توتراً أخيراً بعدما زعم الرئيس الأميركي أنه لعب دوراً في "حلّ" التوتر العسكري الأخير بين الهند وباكستان، وهو ما نفاه مودي بشدة، في حين حظي رئيس الوزراء الهندي باستقبال حافل في قمة "البريكس" التي استضافتها البرازيل في ريو دي جانيرو، بدعوة من الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.
وأظهرت القمة رغبة البلدين في تعزيز التعاون الاقتصادي لمواجهة ما وصفه لولا بـ"المعايير المزدوجة للغرب"، مع تأكيد مودي ضرورة تطوير العلاقات بين الجنوب العالمي واستقلال قراراته الاقتصادية.
مع ذلك، وبغض النظر عن مدى رغبة لولا ومودي في تحسين علاقاتهما التجارية، فمن غير المرجح أن يتخليا عن الولايات المتحدة. خصوصاً أن البرازيل والهند تتنافسان في تصدير منتجات مشابهة كالقهوة والسكر، وتعتمدان بشكلٍ متبادل على الصين، الشريك التجاري الأول للبرازيل، والثاني للهند.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية في مؤسسة "جيتوليو فارغاس" في ساو باولو، ماتياس سبيكتور، أن "واشنطن توفّر للبرازيل والهند أسواقاً لا يستطيع أي منهما توفيرها للآخر"، مشيراً إلى أن "تغيير أنماط التجارة العالمية وهيكل سلاسل القيمة ليس أمراً تستطيع الحكومات فرضه بمحض إرادتها".