تركيا: تصاعد الاحتجاجات على سجن أكرم إمام أوغلو.. وتوقيف 1300 متظاهر
تتسع الاحتجاجات في تركيا ضد سجن رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، والسلطات التركية تزيد من حملتها ضد المتظاهرين. هل ستغير هذه الأزمة مجرى الأحداث في البلاد؟
-
متظاهرون أتراك يلوّحون بعلم بلادهم أمام الشرطة خلال مظاهرة في إسطنبول أمس الاثنين (أ ف ب)
توسعت الاحتجاجات في تركيا، مساء أمس الاثنين، بعد سجن رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو، حيث نظّمت المعارضة تجمعات جديدة وسط تصاعد الحركة الطالبية، فيما تحدث رئيس حزب "الشعب الجمهوري" المعارض، أوزغور أوزيل، أمام عشرات الآلاف من المحتجّين أمام مقر البلدية في إسطنبول قائلاً "هذا ليس تجمّعاً بل فعل تحدّ للفاشية".
ومنذ توقيف إمام أوغلو يوم الأربعاء الفائت، تشهد العديد من المدن التركية تظاهرات حاشدة تنديداً بهذا الاعتقال، الذي وصفه المعارضون بأنه يأتي في إطار استهداف الحريات السياسية. واستنكر أوزيل تجاهل وسائل الإعلام الموالية للحكومة تغطية هذه الاحتجاجات، داعياً إلى مقاطعة القنوات والشركات التي تدعم الحكومة.
وسجلت الاحتجاجات، التي خرجت في 55 محافظة على الأقلّ من أصل 81 في تركيا، صدامات مع الشرطة، فيما تم توقيف أكثر من 1300 شخص خلال الأيام الستة الماضية، وحظرت السلطات التركية التجمّعات في إسطنبول وأنقرة وإزمير، فيما تحدّث مراسلون عن دعم جماهيري للمتظاهرين، حيث استقبلتهم حشود من سكان إسطنبول بتصفيق وضرب الطناجر.
أكرم إمام أوغلو: سأنتصر
إمام أوغلو الذي اعتُقل بتهم فساد نفاها بشدة وندّد بسجنه "من دون محاكمة"، أصرّ في رسالته من السجن على استمرار معركته السياسية وقال "لن أتراجع، سأنتصر".
هذا وأعلن حزب "الشعب الجمهوري" عن اختيار إمام أوغلو مرشحاً رئاسياً للانتخابات المقبلة عام 2028، بعد إجراء انتخابات تمهيدية أظهرت دعماً واسعاً له من قِبل 15 مليون شخص.
قمع الاحتجاجات وتضييق على الصحافيين
ومع استمرار الاحتجاجات في تركيا ضد سجن إمام أوغلو، ازدادت الحملة القمعية من قبل السلطات، حيث ارتفعت حصيلة التوقيفات إلى أكثر من 1300 شخص منذ الأربعاء، بحسب وزير الداخلية التركي. كما أسفرت الصدامات بين الشرطة والمحتجين عن إصابة 123 شرطياً.
وفي سياق التضييق على الصحافة، أوقفت السلطات عشرة صحافيين على الأقلّ، في إسطنبول وإزمير، في خطوة عدّتها جمعية حقوق الإنسان انتهاكاً لحرية الإعلام.
ودعا ممثل منظمة "مراسلون بلا حدود" في تركيا، إيرول أونديروغلو، إلى إطلاق سراح الصحافيين المعتقلين ووقف العراقيل التي تواجه حرية التعبير في البلاد.
من جانبها، أصدرت "منظمة العفو الدولية" بياناً طالبت فيه السلطات التركية بوقف الاستخدام العشوائي للقوة ضد المتظاهرين السلميين والتحقيق في الانتهاكات التي ارتكبتها الشرطة خلال الاحتجاجات. في الوقت الذي أعلنت في منصة إكس، مساء الأحد، أنّ السلطات التركية طلبت منها حظر أكثر من 700 حساب لمعارضين.
وفي تحليل سياسي، رأى سونر كاغابتاي، المحلل السياسي في معهد واشنطن، أن "تركيا تتجه نحو تعزيز السلطة الاستبدادية تحت حكم الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي يرى في إمام أوغلو تهديداً متزايداً له في الانتخابات القادمة"، معتبرا أنّ الرئيس التركي شعر بأنه "مهدّد" من هذا المعارض الشعبي الكاريزمي الذي يصغره بنحو 20 عاماً ويجذب قاعدة واسعة من الناخبين من مختلف الاتجاهات السياسية.
"هجوم على الديمقراطية".. تنديد دولي واسع بسجن إمام أوغلو
وفي ردود الفعل الدولية، أدانت وزارة الخارجية الفرنسية توقيف أكرم إمام أوغلو، مشيرة إلى أن "سجنه مع مسؤولين آخرين يشكل هجوماً خطيراً على الديمقراطية". كما حضّت المفوضية الأوروبية تركيا على "احترام القيم الديمقراطية".
من جانبها، أكدت الحكومة الألمانية، التي تضم أكبر جالية تركية، أن سجن إمام أوغلو أمر "غير مقبول"، وأعربت عن قلقها الشديد من التطورات. في حين نظمت تظاهرة في برلين مساء الأحد، شارك فيها أكثر من ألف شخص احتجاجاً على هذا الاعتقال.
أما اليونان، فقد اعتبرت الوضع السياسي في تركيا "غير مستقر ومقلق"، مؤكدةً أنه "لا يمكن السماح بانتهاك دولة القانون والحريات المدنية"، داعيةً السلطات التركية إلى تقديم إجابات مقنعة عن الانتهاكات المزعومة لهذه المبادئ.
إلى جانب توقيف إمام أوغلو، أوقف نحو 50 شخصاً آخرين بتهم "الفساد" و"الإرهاب"، من بينهم رئيسا دائرتين بلديتين في إسطنبول ينتميان إلى "حزب الشعب الجمهوري". وقد تمّ استبدال أحدهما، المتهم بـ"الإرهاب"، بشخص آخر معين من الحكومة.
على صعيد آخر، شهدت بورصة إسطنبول تحسناً طفيفاً أمس الاثنين بعد تراجع مؤشرها الرئيسي بأكثر من 16.5% في الأسبوع الماضي. وفي سياق الأوضاع الاقتصادية، نفى وزير الاقتصاد التركي محمد شيمشك الشائعات التي تحدثت عن استقالته، مؤكّداً عبر منصة "إكس" أن الحكومة تواصل اتخاذ التدابير اللازمة لضمان استقرار الأسواق.