"Unherd": الحملة العسكرية الجديدة على غزة لن تقضي على حماس

عادت مشاهد وأصوات الحرب في غزة، ومن الصعب أن نرى عودة الصراع في غزة تسير بشكل مختلف عن المرحلة السابقة، ذلك أنّ الأمر مدفوع بأسباب سياسية أكثر من الاعتبارات العسكرية.

0:00
  • استشهاد المئات من الفلسطينيين في قطاع غزة بعد استئناف الحرب من جراء الغارات الإسرائيلية ومعظمهم أطفال ونساء. (أ ف ب)
    استشهاد المئات من الفلسطينيين في قطاع غزة بعد استئناف الحرب من جرّاء الغارات الإسرائيلية ومعظمهم أطفال ونساء. (أ ف ب)

موقع "Unherd" البريطاني ينشر مقالاً يتناول استنئناف الحرب في قطاع غزة، وماذا سيحقّق ذلك بالنسبة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

لطالما كان مستبعداً أن يصمد وقف إطلاق النار الهشّ في غزة بعد مرحلته الأولى. فبعد عودة الدفعة الأولى من الرهائن وانسحاب القوات الإسرائيلية من معظم أنحاء القطاع، كانت المرحلة التالية ستتضمّن تنازلات غير مقبولة بالنسبة لحكومة بنيامين نتنياهو، وتحديداً الانسحاب من محور فيلادلفيا بين قطاع غزة ومصر، بالإضافة إلى مناطق حيوية أخرى ذات أهمية استراتيجية.

وفي حال استمر وقف إطلاق النار، كان سيتطلّب ذلك وجود زعيم إسرائيليّ مستعدّ للتضحية بمنصبه من أجل إرساء السلام، وقد اتضح منذ فترة أن "إسرائيل" تفتقر إلى هكذا زعيم. وتشير التقارير الحالية إلى أنّ "الجيش" الإسرائيلي يخطط لشنّ حملة جديدة لاحتلال غزة، في انتظار موافقة مجلس الوزراء.

لقد كان الاتفاق على المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في صالح نتنياهو، إذ مكّنه من استعادة مكانته لدى دونالد ترامب من خلال السماح للرئيس الأميركي بالتظاهر بأنه صانع سلام. كما استطاع نتنياهو تأمين عودة الأسرى الإسرائيليين الأكثر ضعفاً، ومنح القوات الإسرائيلية فرصة للراحة وإعادة التسلّح.

وقد خفّف إطلاق سراح الأسرى بالتحديد بعض الضغوط الداخلية على نتنياهو، كما فعلت العودة المنظّمة لحماس؛ فبالنسبة للكثير من الإسرائيليين، تسبّبت رؤية هذا العدد الكبير من "الإرهابيين الأعداء" على قيد الحياة وبصحة جيدة مرتدين بفخر بزاتهم العسكرية، في موجة جديدة من الغضب والعزم على استئناف الحرب. 

واليوم، عادت المشاهد والأصوات المألوفة التي توقّفت منذ كانون الثاني/يناير: الأجساد الضعيفة والمغبّرة في الأخبار، واللقطات غير المحجوبة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديثات وزارة الصحة حول عدد الضحايا الذين سقطوا بين ليلة وضحاها، وإجراءات الحماية الشديدة وغير الفعّالة في "تل أبيب" وغيرها من المدن الإسرائيلية الكبرى.

من الصعب أن نرى عودة الصراع في غزة تسير بشكل مختلف عن المرحلة السابقة، مع سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين ومقتل الكثير من مقاتلي حماس، إلا مع بقاء هذه الأخيرة على حالها وعدم عودة أي رهينة. ومن خلال الضربات الأولى التي شنتها "إسرائيل" خلال نهاية الأسبوع، يبدو أنها قد تتجه لاتباع نهج تنازليّ يقوم على استهداف قادة حماس ​​لتعطيل قيادتها وسيطرتها، تماماً كما فعلت مع قيادات حزب الله. 

قد تمتلك "إسرائيل" معلومات استخباراتية أفضل عن أماكن وجود مسؤولي حماس هذه المرة. ولكن، بما أنه من المستحيل تحقيق نصر كامل، إذ لا يمكن لأي قدر من المعلومات الاستخبارية أو القوة النارية القضاء على آخر مقاتل من حماس، يبدو أن "إسرائيل" تدخل في مأزق لن تستطيع الخروج منه. وذلك لأن العودة إلى الحرب مدفوعة بأسباب سياسية أكثر من الاعتبارات العسكرية. 

بالإضافة إلى ذلك، تتصاعد حدّة الخلافات بين الحكومة وجهاز الأمن الداخلي "الشاباك"، وقد وقعت بالفعل صداماتٌ بين رئيس الأركان الإسرائيلي المُعيّن حديثاً، إيال زامير، ووزير الدفاع، يسرائيل كاتس. وبالتالي، تستأنف "إسرائيل" حربها على غزة وهي في حالة أقل اتحاداً مما كانت عليه في تشرين الأول/أكتوبر 2023.

ولعّل انهيار وقف إطلاق النار قبل بضعة أسابيع كان محرجاً لترامب، الذي تباهى بإنهاء الحرب عندما لم يتمكّن جو بايدن من فعل ذلك، ناهيك عن خططه الكبرى لتحويل غزة إلى كازينو ومنتجع شاطئي. إلا أنه بالنظر إلى سرعة تطور الأمور في السياسة العالمية، يبدو أن ترامب قد وضع غزة جانباً، وصبّ تركيزه على حرب أوكرانيا وتداعيات استخدام كبار مستشاريه الأمنيين لتطبيق "سيغنال" لمناقشة مسألة توجيه ضربات لليمن. ومع انشغال البيت الأبيض، يستطيع نتنياهو الآن التصرّف كما يحلو له من دون أن يقلق بشأن خسارة ترامب ماء وجهه.

نقلته إلى العربية: زينب منعم.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.