عندما تتحول الكلمة إلى سلاح، ناصر اللحام... مقاوماً
لن يكون اعتقال ناصر اللحام اَخر جرائم العدو في هذا السياق، ولكن المزيد من الاعتداءات والجرائم بحق الإعلاميين الأحرار، سيزيد من أزمة هذا الكيان في معركة كي الوعي.
-
ناصر اللحام.. الكلمة والسلاح.
مرة جديدة يُقدم العدوّ الإسرائيلي على جريمة موصوفة بحق الصحافة والإعلام والحريات، من خلال اعتقال مدير مكتب قناة الميادين في فلسطين المحتلة ناصر اللحام، لا لشيء سوى لطمس الحقائق وكمّ الأفواه الصادقة والفاضحة لمشاريع العدوّ الاستعمارية والعدوانية في المنطقة بشكل عام، ولجرائم قادة الكيان وجيشه بحق الدول والشعوب التي يحتلها بشكل خاص، ولا سيّما في فلسطين المُحتلة.
الذنب الوحيد الذي اقترفه الإعلامي القدير ناصر اللحام في نظر العدوّ، ومعه العشرات والمئات من زملائه في المهنة ممن كانوا ضحايا اَلة القتل والغدر والبطش الغادر منذ نشأة هذا الكيان، ولا سيّما منذ أحداث السابع من أكتوبر، ذنبهم الوحيد، هو أنهم قرروا أن ينحازوا إلى الحقيقة وأن ينقلوها كما هي، فضلاً عن رفضهم أن يكونوا على الحياد، أو أن ينساقوا إلى سردية العدوّ المملوءة بالإدعاءات والأكاذيب والأضاليل.
العدوّ الذي يملأ الفضاء الإعلامي بسرديات مكذوبة وفبركات مُضللة أصبحت مكشوفة أكثر من أي وقت مضى، في محاولة منه لكي الوعي في سياق الحرب الناعمة التي يخوضها ضد المقاومة وبيئتها والرأي العام المحلي والعالمي، يواجهها ناصر وأمثاله من الإعلاميين الشرفاء، بالصوت والكلمة الحرّة، وبكل الوسائل المتاحة والمشروعة، برغم تواضع القدرات والإمكانات المالية والتقنية مقارنة مع ما يمتلكه العدوّ وداعموه.
ناصر اللحام وزملاؤه ممّن قرروا بملء إرادتهم، مواكبة بطولات الميدان على مختلف الجبهات، مكرّسين وحدة المحور إعلامياً، أصبحوا في عيون الأحرار وفي وعي شرفاء الأمة والعالم، أكثر من مجرّد مراسلين وإعلاميين، ليتحوّلوا الى محاربين حقيقيين لتأدية الرسالة والمهمة المنوطة بهم بكل شجاعة ومهنية وإقدام، سلاحهم الكلمة، تصيب إدعاءات ومزاعم عدوّهم في مقتل، فيلجأ الأخير إلى قتلهم أو اعتقالهم مع عائلاتهم في الكثير من الأحيان، تماماً كما يفعل مع عائلات المقاومين في الميدان. وهذا إن دلّ على شيء، فإنما يدلّ على العجز في المواجهة، أو الإخفاق البائن في تحقيق الإنجازات.
ولأنني من المتابعين باهتمام بالغ ودائم لتقارير ناصر اللحام وقناته على اليوتيوب حول القضية الفلسطينية وطبيعة ومجريات الصراع، يمكنني القول بثقة كبيرة إنه من القلائل الذين لا تملّ الاستماع اليهم، وينقلون إليك ما يدور في كواليس وساحة الكيان السياسية والعسكرية وحتى الأمنية، بمهنية وواقعية من دون المبالغة في تدخّل "الأنا" والأمنيات والرغبات الشخصية، ما يجعلك تحصّل ما يكفي لإشباع الفضول المعرفي، رغم أنّ المحتوى خلاف الأماني والمُبتغى في بعض الأحيان.
من نافلة القول، أن إقدام العدوّ الإسرائيلي على مثل هذه الجرائم بحق الإعلام وحرية التعبير، ينسف كل إدعاءات أميركا والدول الغربية بشأن ما تُمثله "إسرائيل" كنموذج "للديمقراطية" الغربية، وبأنها الكيان الذي يحمي الحقوق الفردية كحرية الرأي والتعبير.
هذا إضافة الى كون الإعتقال تجاوزاً صريحاً للقوانين والتشريعات الأممية والدولية، وفي مقدمتها المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي نصّت صراحةً على حق الأشخاص والأفراد في حرية الرأي والتعبير.
ربما لن يكون اعتقال ناصر اللحام اَخر جرائم العدو في هذا السياق، ولكن المزيد من الاعتداءات والجرائم بحق الإعلاميين الأحرار، سيزيد من أزمة هذا الكيان في معركة كي الوعي، وسيرسّخ مفهوم ماهيته وجوهر وجوده في عقول وأذهان الكثيرين حول العالم، بأنّه كيان يخشى حتى سلاح الكلمة، أن تطيح سرديته، لهشاشة حجّته وفظاعة عدوانيته.